الثلاثاء، 13 أبريل 2010

شهوة .. في محكمة شمال
رواية ممنوعة من النشر

جميع وقائع أحداث هذه القصة تدور فى أماكن و أزمنة معلقة بجزيرة ما بين إسراء الخيال ومعراج الحقيقة إلا إن جميع شخوص أبطالها من وحى أفكار و أوهام المؤلف و لا صلة لها بأطر الواقع من شروقه لغروبه لأديانه إلا من خلال ترسيم علامات تأكيده مسافات متسعة من هواجس الخيال.
......لذا وجب الإشارة دون تلميح بأهمية التنبيه.. وعلى السادة القراء مراعاة فض الاشتباك بين ضرورات إنعكاسات إرهاصات الواقع فى تشخيص نسيج الخيال كرابط ثانوي يعيش انعزاليا فى خلفية الكواليس منفصلا بمنأى عن الضلالات المجسدة رؤى ملتبسة ينبض سحرها ومضات تهذى بحور أشعار صراعات خرافات الخيال الضبابية المراوغة التى تجاهد فى نهاية المطاف لفك ترميز طلاسم لوحة كونية مكتملة دوائرها وجدت نقوشها العبثية محفورة بلغة المذى القديمة فى أوراق ذكريات مجهولة تحوى مجموعة تنبؤات مبتورة مبعثرة مستوحاة من التكهنات الغامضة للعراف اليهودى ذائع الصيت نتوستراداموس عثر عليها مكذوب فى أرشيف الطريق الصحرواى لمتحف موسكو القيصرية الزراعي .... وقد دون علي غلافها بآلة كتابية قديمة المقولة الشهيرة "صدق المنجمون لو كذبوا"... وأسفلها ملحوظة فلسفية كتبت بخط يد عربية ركيكة...أنها...غير صالحة للنشر ؟! .....ضمير خالد وخيال طاهر
المشير صوب العزلة

الغدر...الغدر ...الغدر...!
.....اين أنت يا بروتس العزيز..؟
أين طعنة خنجر رحمتك الأخيرة.....
تهوى تتوغل فى جسدي ...
أين أنت أيها الصديق الوفي
يا رائد الخيانات النبيلة ....
فاليوم سمعت هتاف الرعاع تكبر للأكاذيب
فهنيئا للقصير الجديد مارك إنتطونى

هكذا ظن والأرض تميد به و هو البطل ملأ الا سماع و الأبصار و الأفئدة فالخيانة اليوم ليست من أجل روما و لهذا كانت فداحة رنين صدمة فضاء ذهوله أروع مفاجأة خونة يوليوس قيصر فلم يكن سهلا أو مقبولا إن يقولوا له رفقاء الدرب بعد كل هذا العمر فى خدمة الوطن وبدون سابق إنذار "شكرا مع السلامة " و أتعباك محفوظة وستصل لك كاملة عند مطلع كل شهر مع كافة الامتيازات و العطايا و خلافه و أكثر بل وكل ما يحلو له مع جواب شكر من الرئيس ، وحسرته زادت إن شركائه فى السلاح ظلوا فى كنف نفوذ السلطة و تركوا له فقط نعيمها مع احترامهم و تقديرهم و بعض من مشاعر الحنين للماضي عبر برتوكولات التهنئة فى الأعياد المصحوبة بهدايا يسلمها له احد الضباط الصغار ... و خيرا أنهم رعوا أصول المراسم ولم يرسلوها مع صول أو عسكري المراسلات ....
نعم فخدمته انتهت كوزير للحربية فى ساعة متأخرة من شهر رمضان الأخير بعد صلاة التراويح كما أعلنت نشرات الأخبار المسائية لولاية العدل والسلام عاصمة الولايات العربية المتحدة و عليه إن يتأقلم مع فضائه الجديد فهو خالي شغل و سلطة وسيحتفظ ببعض الحرس لتأمين بيته ضد المنفلتين من أبنائه المشتاقين إلى الإطاحة برأسه و سيذهب إلى بيته بعد يوم امين عام الوزارة يعبر عن أسفه مجاملة و معه بعضا من الضباط و العساكر حاملين معهم كافة متعلقاته من مكتبه بالوزارة .
ظل حائرا ماذا سيفعل فى هذا الفراغ المستجد على حياته المكتظة بحواديت الكفاح و النضال هل يمكنه إن يتعود على الركون لمتابعة الجرائد و الصحف و التلفاز و الحديث مع أولاده أو شخص ما فى النادى واللعب مع أحفاده أو شئ من هذا القبيل .. لقد جرب أشياء كثيرة وشعر أنها مأساة نهايته أو آذان لم يكن كاذبا هبط على فم رأسه كبلطة من أعلى القمة تشق طريقا لبحر من شلال دمائه وهو يتباطأ سابحا فيه نحو حتفه ...
لقد منعته العزة و الكبرياء إن يطلب من الرفاق إن يعود متنكرا إلى العمل ولو ساعي بمكتب فى الوزارة أو عسكري فى كتيبة منعزلة فى الجبل وسط الصحراء على إن يترك فريسة لعنكبوت العفن .. فحياة كهذا مملة و كئيبة لأمثاله حتى شعر انه يحسد الصول العجوز متولي الذي مد له خدمته فى أخر قرار أتخذه بالوزارة ......
ولم تنتهي المأساة عند حد إقالته فما لبث إن عزل جميع القادة الذين ينتمون إلى مدرسته العسكرية على دفعات متتالية و أحيلوا معه للتقاعد و ذهب المحظوظ منهم إلى وظيفة مدنية كرئيس حي و هيئة أو مقاطعة فى الولاية و صعد إلى مناصبهم و مراكزهم جيلا جديدا من طبقة الموظفين من أرشيف الوزارة يساندهم من عادوا إلى الوزارة و قد أحيلوا للمعاش من زمن بعيد .
وكاد الوزير المعزول إن يفقد عقله من فرط علامات الاستفهام وبرود الطقوس المكملة لعملية بتره فقد أقامت له الوزارة حفل تكريم ضخم بأكبر قاعات الاحتفالات و أفخمها بإحدى أندية القوات المسلحة المنتشرة فى عاصمة الولاية حضره الوزير الجديد و قادة القوات الجدد و الأفرع الرئيسية و الذين تمت إقالتهم و أغلب وزراء الدفاع و الحربية فى دول الولايات العربية وعلى رئساهم الرئيس ذاته فى مظاهرة ظن أنها لتأبينه و ليس لتكريمه و اندهش من تمرير تمثلية خروجه إلى المعاش بسلام و رضي و قناعة من كافة الأطراف التي كانت لا ترى له فى الدنيا بديلا و قائدا و ملهما واليوم انتهى المهرجان فى غاية البساطة و اللطف وقد أطلقت الزينات و الرصاصة و الألعاب النارية فى وداعه وكأنه كان موظفا برتبة مهرج فعندما حان موعد خروجه للمعاش عليه إن يترك مفتاح السيرك و يرحل كأن شيئا لم يكن .
حاول الوزير المعزول قتل الوقت بكافة الوسائل لعله يتكيف مع ظروفه المستحدثة فترجم كتاب عن العسكرية من الانجليزية للعربية و سعى إن يكون محاضرا عسكريا الا انه وجد إن كل هذه مسكنات لرجل يتحرك بحيوية و نشاط فى مربع فراش الموت وهو يشاهد كابوس ديدان الأرض تنهش جسده وسط بركة دمائه الراكدة تنزف من رصاصة العزلة....
فحفر البؤس آياته على معالم وجهه من رؤيته العالم المظلم الزاحف فيه و نحوه تراوده أشباح راحة الانتحار الجميل ..... وسرعان ما يعود له بشاير من أطياف الأمل تزف ألوان الفرح إذا تمت دعوته لحفل زفاف يحضره الرفاق فاستعد له كطفل توقف عن البكاء كلما جذبته أمه نحو حليب ضرعها .....و لكنه عندما يذهب تتنامى لديه إحساسا طاغيا بالضآلة فيعود محملا بمزيد من رصيد لاينفذ من الاكتئاب ..فتلح عليه زوجته و أولاده مشفقة إن يستدعوا له طبيبا نفسيا لعله ينشله من التآكل الذي يمزق ذاته مما يزيد ثورته العارمة هياجا هستيريا و يؤلب أنين دخان بركان ينضح من تقيحات جروح نفسه فيحمل مسدسه ملوحا بقتل من يتجرأ و يقول أو يكرر له مثل ذلك الهراء ... فزاد الأمر من أعراض عزلته و أصبح لا يطيق أحدا من أفراد أسرته وقرر الا يحضر أى مناسبة يحضرها رفقائه بالسلطة حتى لا تلاحقه أعراض هذا الجنون المطبق المصاحب لرؤيتهم و تقضى عليه ... و لكن الله كان حاضرا يهدأ من روعه وهو يتلو آياته و شفقة قططه وهدير حمامه الذي يربيه فيؤنس نار وحدته فى هذا الفناء بحديقة منزله الذي يحوى ماتبقى له من حطام الحياة وهباء النياشين الهادئة المرتبة التي تزين حائط مكتبه وتتوسط لوحات شهادات التقدير و صور اللحظات الدافئة لأسرته والرفقاء والأصدقاء الذين ماتوا و آخرين شخوا من نومهم على كراسي خارج أو داخل السلطة و سجلا من حكايات البطولات المدمجة والمبتورة الملامح تتوسط إطراءات المحدثين التي لاتنتهى وشهادات العرفان بالجميل و أكليل الاحترام و الإجلال و التقدير إذا ذكر اسمه فى محفل أو فى صفحات الأرشيف وان كان لا احد يتذكر إن كان مات أو على قيد الحياة بل لن يكلف خاطره ليسأل عنه هاتفيا حتى إن وسائل الإعلام تنشر و تذيع له و حوارات وتسجيلات سابقة فى المناسبة الوطنية ...انه كلاعب الكرة الذى يجب إن ينتحر فور مباراة اعتزاله كما انه ليس من طبائع الحياة إن يسأله أحدا عن أفكاره البالية التى لم يعد لها مكان فى عصر هجوم السلام التى حاول إن يستوعبه فابتلعه ..فالذكريات تنتهى فور حدوثها و عبقها لايصنع واقعا جديدا يحرك حياة مثل هؤلاء خصوصا إن دوره لم ينتهى فقط ولكن كل صدى تاريخه يجب حرقه والتخلص من رماده و دفنه من ذاكرة الوطن المتآكل فى عالم يبيع تراثه بحثا عن فضيلة رفاهية البقاء على هامش التاريخ ..... و مما فاقم من حجم الملهاة إن اللاعب اعتزل إجباريا و هو فى قمة الأداء و العطاء و أكثرهم لياقة و قوة و طاقة بدنية ونفسية علاوة على شعبيته ونفوذه وقوة حضوره و اجتهاده أنها مذبحة لكرامته و إهانة لقدراته و عطائه و تجربته.....
فالمشير تحمل أيامه تاريخا نضاليا عريقا يصعب نسيانه فقد سرق ماعز أبيه و حمامه فى بغداد و باعه لكي يدبر نفقات سفره إلى فلسطين لينضم إلى الفدائيين فى حرب نكبة 48 و هو فى عمر الرابعة عشر سنة وكاد إن يموت في الحرب ذاتها قبل إن يهرب بأعجوبة من الأسر بعد إن ألحق إصابة مبكرة و مباشرة و شهيرة فى أحد أعين الصول موشى ديان الذى أصبح وزير للدفاع الإسرائيلي فيما بعد ...وتخرج من الكلية الحربية بالقاهرة فى أول دفعة استقبالاتها لخريجي الطلبة العرب و فى عام 56 هرب من الجيش العراقي وترك الخدمة ليكون احد الضباط الذين يقودوا الفدائيين فى غزة و أصيب بإصابة بالغة أوشكت إن تنهى على حياته وظن إن روحه قد زهقت قبل إن يدخل فى غيبوبة و انتقل إلى معسكر طبي عسكرى بمدينة الإسماعيلية و عندما استيقظ من موته على وجه فتاة مصرية من المتطوعين فى إسعاف الجرحى حضنها و لم يتركها سوى بعد إن تزوجها بعد حين و قد تركت الحادثة فيما بعد اثر على ثابت وتر أعصاب ذارعه اليمنى ....و قاد مجموعة من الفدائيين فى حرب تحرير الجزائر و سافر إلى موسكو فى بعثات متكررة ليتلقى فى أكاديميتها دروس فى فنون استراتيجيات الحروب و دورات أخرى فى العمليات الخاصة وحرب العصابات على يد المخابرات السوفيتية كى جي بى زماله فيها المناضل العالمي كارلوس ....و لم يغيب عن قوات الصاعقة المصرية المشاركة فى حرب اليمن وأذهل القادة المصريين فى خططه التى فاجأت المرتزقة الأوائل من طبعة شركة بلاك ووتر الحديثة ... و فى نكسة 67 أبلى بلاء شديدا فى مقاومة القوات الغازية فى الصفوف الأمامية للفيلق العراقي المشارك فى القتال مع القوات السورية و انضم إلى القوات المصرية فى حرب الاستنزاف كخبير فى حرب العصابات و فى عام 73 كان قائدا ميدانيا للقوات العربية المقاتلة مع القوات المصرية فى الحرب و أصيب بشظايا انفجار غارة إسرائيلية استهدفت قوات كان على رأسها فى محاولة انتحارية لاختراق حصار الثغرة مما استدعى استئصال الطحال من جسده وفقد ثلاثة من أطراف أصابعه اليسر .... و شارك فى الدفاع عن بيروت مع القوات السورية أثناء اجتياح الجيش الإسرائيلي للبنان عام 82 وتأمين خروج قوات منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت لتونس و كان مهندس خطة عودة جزيرة الفاو إلى السيادة العراقية فى حربها مع إيران ..وكانت الحكومة الإسرائيلية المتعاقبة تعتبره مجرم حرب فقد قتل كتيبة إسرائيلية مدرعة بأسلحة خفيفة فى كمين بعمق سيناء أثناء قيادته لمجموعة من ستة أفراد كانت تقوم بمهمة سرية فى حرب الاستنزاف وقتل خمس منها واعدم بمفرده راميا بالرصاص ستة أفراد أسرهم ردا على مذبحة أفواج الأسرى المصريين فى حرب 67 وكلما سقط أسيرا قيل انه شهد الرسول والجنة تدنو منه وهو يردد الله اكبر قبل إن يصوب على مسدسه فى منتصف جبهة أسيرا أخر... وترك جثث القتلى اليهود وقد ألف منها تكوينا لحروب كلمة فلسطين عربية بالحروف العبرية فى عراء الصحراء ...واحتفظ بأسيرة واحدة كانت مصابة لدى عودته لشرق القناة وفى رحلة عودتهم اغتصابها احد أفراد مجموعته فأعدمه فورا هو الأخر راميا بالرصاص فى عملية من أشهر العمليات التى جعلت منه نجمه ساطعا على ضوئها قلده جمال عبد الناصر نواط الشرف العسكرى من الدرجة الأولى و أطلق عليه جيفارا العرب بعد إن حقق معه عسكريا وبراءته المحكمة العسكرية المصرية التى رئاسها الفريق سعد الدين الشاذلي من تهمة القيام بجرائم حرب وتركت المجندة الأسيرة الإسرائيلية الديانة اليهودية بعدها و أسلمت واحتفظت بإبنها من السفاح ورفضت العودة إلى إسرائيل وتزوجت أردنيا من أصل فلسطيني وتطوعت فى خدمة الهلال الأحمر الفلسطيني تكفيرا عن اشتراكها فى عدة مذابح ضد أسرى و مدنيين عرب أثناء حرب 67....و ماتت مع أسرتها فى مذبحة أيلول الأسود ..
أما اغلب أبنائه الرجال فكانوا عسكريين ومركزا لحركات تمرد و عصيان و مثيري قلاقل فى المنطقة و قد قاطعوا أبوهم بعد انخراطه ضمن فريق السلام العربي الإسرائيلي و تأمر بعضهم على قتله فى عدة محاولات فاشلة وقد استشهد ابن المشير الأكبر من زوجته المصرية الأولى فى عملية تفجير مقر قوات المار ينز الأمريكية فى لبنان و ابنه الثاني منها فى معركة أم القصر على يد القوات الأمريكية و استشهد أكبر أبنائه من زوجته اللبنانية فى العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006 و ابنه الثاني منها فى العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2008 واغتيل ابنه من زوجته الفلسطينية الثانية فى الغارة الإسرائيلية على تونس التى اغتالت أبو جهاد حيث كان ضمن فريق حرسه الشخصي وانفصل ابنه الثاني منها عن حركة فتح الفلسطينية و انضم إلى حركة حماس و نسفت القوات الإسرائيلية بيته و قتلت كل أفراد أسرته النائمة فى الفجر..ولكنه نجا من الموت بأعجوبة لخروجه متخفيا قبل التفجير فأطلقت طائرة هليوكوبتر إسرائيلية صاروخا موجها على سيارته فدمرتها مع رفقائه بالسيارة ضمن ماعرف بعمليات الرصاص المصوب لاغتيال الناشطين من قيادات الجهاد الفلسطيني كما يعد أصغر أبنائه من زوجته اللبنانية الثالثة أحد القيادات الميدانية لحزب الله اللبناني ...بينما يطلق على ابنه الأكبر من زوجته السورية الرابعة لقب الثعلب و يعد مجرما عالميا وأحد قادة تنظيم القاعدة و غير معروف إن كان مازال على قيد الحياة...و أصبح ابنه الأصغر من زوجته اللبنانية أحد أهم رجال الأعمال فى الشرق الأوسط وحصان طروادة لرأس المال الخليجي اليهودي الأمريكي بالمنطقة و بلغت مأساة فجيعته فى أبنائه ذروتها عندما توفى ابنه من زوجته السعودية الخامسة وهو قيادي فى حركة الجهاد الإسلامى على يد رصاص رشاشات حراس المشير عندما حاول اغتياله مع آخرين أثناء مرور موكبه فى احد شوارع بيروت .. فهكذا تحل الخلافات بود فى العالم العربي.

...استدعى الرئيس المشير المقال للقائه فدب فيه أملا مراوغا و حيوية غريبة فطلب حلاقه و اغتسل و ظل يأكل جيدا و بشراهة بعدما كان عازفا عن الطعام وأشعث الشعر و اللحية بل واظب على ممارسة الرياضة ظنا منه إن الرئيس سيطلب منه العودة للوزارة أو رئاسة الوزارة أو انه قرر أن يعتزل لظروفه الصحية فوجد انه الشخص المناسب الذى يخلفه فى الرئاسة و بهذا يكون قد اعترفا بأخطائه فى حقه عندما أحاله للتقاعد و حرم الوطن من خدماته الجليلة خصوصا أن أحوال الوزارة من أسوء لأسوء و لا احد يأخذ رأيه ولو تليفونيا على اقل تقدير بحكم خبرته الطويلة وقد أكدت له هواجسه ذلك لان الرئيس قد استدعاه رسميا عبر تليفون مدير مكتبه و لم يقوم بالحديث المباشر معه كعادته عندما يدعوه لشأن اجتماعي خاص بأسرته ..
الرئيس وهو قاتله الحقيقي الذى أهدر دمه فى ساحة وديان الفراغ .
... قابله الرئيس ودودا بصحبة بعضا من أحفاده بقصر الرئاسة ليضفى على اللقاء جوا عائليا خالصا وبدأ الحوار بأقوال مرسلة من الحكمة الغائبة عن فلكه فلا تنطبق عليه بالضرورة بصفته الرئيس التاريخي التى ستغرق البلد وتتلاشى بدون فيض عبقريته وأسهب ببعض من كرمه وبالمسكنات المهونة و جائزة تعازي الصداقة من إن كون إحالته إلى التقاعد هي سنة الحياة و ليست نهاية العالم فهو ليس مخلدا فى كرسيه وان جيلا يسلم لجيل الراية و أهمية التغيير فى إنعاش و تطوير الولاية وأضاف أن المشير قد أجهد نفسه كثيرا فى الفترة الأخيرة وصارحه بأنه و جد كثيرا من الصعوبة الإنسانية ليبلغه قرار ه الذى اتخذه بتقاعده حاول فيه أن يفصل بين الصداقة و المسئولية واصدر قراره باعتبار المشير جنديا فى خدمة الوطن ينفذ التعليمات فورا دون تردد ...و أكد الرئيس أنه لو كان موظفا لقدم استقالته فضغوط الناس تمنعه عن الاعتزال وإصرارهم و ثقتهم به و صندوق الاقتراع الانتخابي دليلا على حاجة الوطن الماسة له و لولا ذلك لأثار السلامة وقرر التنحي والتقاعد من أعباء مسئولياته طلبا للراحة وهدوء البال و لكنه نداء الوطن والواجب الذى لامفر منه ...
وبعد هذه المقدمة التراجيدية التليفزيونية وبروح المودة و الأخ الكبير أعرب الرئيس لصديقه مبتسما انه لم يعجبه ما وصل الى سمعه من تدهور اهتمامه و اعتنائه بنفسه فلم يتصور أن احد زائريه قد وصف الحالة المزرية التى هو عليه _و هى كانت أفضل أحوال المشير و ليس أسوئها كما ذكر الواشي للرئيس_ فاقترح أن يغيير من مزاجه و حدة طباعه فى الفترة الأخيرة ويرتحل فى هواء أوروبا لبعض الوقت للخروج من الحالة النفسية التى تركت بصامتها عليه و قد أمر بتخصيص برنامج ترفيهي للمشير وعينه مستشار له للشئون العسكرية وقرر ان يكون له مكتبا فى بجواره فى قصر الرئاسة عند عودته من رحلته ...وانتهت المقابلة بتكليف رئاسي بتكريمه بالسفر حول العالم على نفقة الرئاسة مع اى عدد يريده من أسرته أو حتى أصدقائه عرفان بالدور الذى قدمه للولاية و للولايات العربية المتحدة فى رحلة مبكرة لخريف العمر إضافة الى فوزه بكرسي و مكتب ضخم و فخم و سكرتيرة وقاعة اجتماعات أدرك المشير بالفطرة انه بلا أى سلطة أو مسئولية والتزام بمواعيد فماهو الا ضيفا فى غرفة بقصر سيادة الرئيس يذهب اليها و يجئ و قتما شاء يجرى محادثات هاتفية مع من يريد ويقابل زواره ويتسكع ويشرب الشاي و القهوة ولبن العصفور و يقرأ الجرائد و المجلات مجانا كلما أراد ذلك دون اى تكليف كملك بدون اى صلاحية أو تفويض .........
ولكن الرجل لم يكن بحاجة الى رحلة حول العالم فهو تقريبا زار أغلب دوله و استقبل استقبال الأبطال ورجال الدولة الأقوياء و اليوم ربما يستقبله مساعد القنصل و حتى موظفا صغيرا فى السفارة ويتركه عند مقر إقامته بعدما كان اى سفير ينام على الكنبة على باب غرفته طوال الليل طواعية فى انتظار تعليماته .... واليوم أصبح أيقونة عظيمة فى متحف ذكرياته و ذكريات الوطن لكنه تذكار من زمن مخلفات معتقدات اندثرت و طوها التاريخ مع أحداث الانفتاح الجديد المتلاحقة ...

قشتالة وشما حول رداء الاسترنج

هى ايقطنت بذكائها واستوعبت أن الرجل فى مأزق الصدأ يتخبط فى فراغ إلا إتزان ولو طلب منه أن يمسح ارض المنزل وغسل صحون المطبخ و الملابس سواء المتسخة أو النظيفة سيقوم بذلك و بنفس راضية وسيكون اسعد إنسان على وجه الأرض مادام يشعر انه قادر على العمل و إخراج طاقته و المسألة لم تكن محاولة لإذلاله و لكنها كانت مدفوعة بحساباتها فى إعادة تحريك طاقة هذه الآلة الضخمة و إعادة جزءا من بريق نفوذها واستغلالها منزوعة العقل و الإرادة .
كان الرجل متدنيا كثيرا ولم يكن زانيا على مسار حياته و لكن الفتنة اشد من الجنس ذاته أحيانا فقد عاش حياة عسكرية جافة وزوجية متعددة مكررة فى رتابتها و الثغرة المعادلة لاعتزاله السلطة إجباريا هو إعادة استثارة شئ من لهيب شعلة النار من جوف البركان العجوز الغاضب ... فهى فى سن أحفاده وهو فى سن الخصى تقريبا ومن هنا كانت الخطة الجهنمية.
و كانت هى أيضا قد أخصت أله مشاعرها تماما و زرعت عقلا إلكترونيا فى جسد أنثى ليس مثيرا فقط كجغرافيا جسدية رسمت ملامح من منحنيات أقاليم الجنة مدعما بتناغم صوتي وحركي و لكنه مشعا ومتفجرا بروحها و ذكائها و حيويتها و ثقافتها و اختيارها لملابسها الداخلية و الخارجية و طريقة تصفيف شعرها المتغايرة و زينتها فقد كانت مبتكرة و مبدعة فى أصناف وطرق الغواية و كأنها هي التى ابتكرت آله الرغبة ايروس عند الإغريق فقد كانت بلا شك الصورة المثالي النموذجية التى يجب أن تدرسها الالهة و هى تضع تصوراتها الإبداعية النهائية لم ينبغي ان تكون عليه حور العين ..فقد منحتها الطبيعة و ثقافة الكاموسترا الهندية ومعارفها المتعددة قدرة إضافية سوبر ألتر باور لعناصر التحكم و السيطرة فى جرعة إخضاع الآخرين ووسائله لتبعث الرغبة فى الميت و الجنين .
ولم تكن صدفة بريئة ان تكون شهوة هى جارة المشير فى الشاليه الملاصق المطل على البحر المتوسط بجزيرة قبرص الذى ذهب إليه لينعزل عن العالم وعن أسرته أيضا.. وكانت واثقة من نجحها باستدراجه بمنظومة تدريجية متقنة على مهل كان مهيأ لها فاكتسب بفضلها متعه وحيدة مستجدة وهى مراقبتها بحذر وسرية من وراء النافذة ليصل إلى اى جزء مما تكشفه لها من صدرها طوال النهار أو ما تتركه لعينيه من كرم جسدها فى ليلها على ان تتكفل له نظارة الميدان المعظمة التى أهداه له الجنرال روميل بمتابعتها و هى شبه عارية على شاطئ البحر حتى ان سيادة المشير كان لديه شغف مجنون بدراسة عدد الحسنات التى تمتلكها على سطح جلدها كل ساعة و دقيقة و ثانية فان لم يشاهدهن جميعا كل يوم شعر ان خطة دراسته قد باءت بالفشل و عليه تعديل خطة معركته و زاوية المراقبة لاستطلاع الجبهة و ان لم يستطيع رصد الهدف الثمين القابع فى منتصف ثديها يوميا اعتبر ان خطة الزحف و الهجوم بعينيه على جسدها منيت بخسائر فادحة تجعله يتناول ثلاثة علب سجائر طوال الليل ولم يعد لجوئه للطقوس الدينية جدوى التى بدأ فى اعتزالها رويدا رويدا أمام زخم مناخ رائحة التسلط الانثوى الذى فرضتها شهوة ولهو الغواية الذى صار يجرى فى عروقه مجرى الدم فبدأ يدمن المهدئات وتناول الأقراص التى تجلب النوم المفقود.
وتفتق ذهن سيادة المشير فإشترى كاميرا تصوير ديجيتال حديثة حتى يستطيع أن ينال قسط من النوم الهادئ المريح وهو يعيد مشاهدة اللقطات العابرة التى سجلها ولا يستطيع القدر ان يمهله لاقتناصها حية لجارته كل يوم أو فى ثناء غيابها عن دائرة العمليات و رادار الرصد فى الشاليه و الشاطئ ..واكتشف ان قد جلب لنفسه المتاعب حيث وجد أن المواد الفيلمية المتحركة و الثابتة المصورة لاتغنى او تثمن من جوع من متابعة المشاهد الحية مباشرة من مسرح الأحداث .
وشهوة كانت تعالج الموقف بحكمة بالغة فجعلت من سيادة المشير مصور من نوعية البابا ريتزى الذى يراقب المشاهير ليل نهار ليتصيد لقطة مثيرة فلم تظهر كل شئ كما أنها لم تخف كل شئ لقد كانت تبرق له ومضات قصيرة محسوبة من أسرارها و حيويتها حتى فى رقصها و عريها و مجونها من المطبخ للحمام حتى غرفة النوم .
حاول المشير كمحارب قديم ان ينهى سيطرتها على عقله و جلب أفلام إباحية و أدمن مشاهدة القنوات الجنسية المشفرة و اتصل بالأرقام التليفونية المعلن عنها فى هذه القنوات لراغبى المحادثات الجنسية عبر الهاتف بل و استأجر عاهرات لتقوم بدورها ومحاكاتها و اشهدهن الشرائط التى صورها لشهوة وطلب منهن تقاليدها و كانت المقاومة مفيدة فى تخفيف حدة هجوم شهوة الإرهابي الشامل و شغل الرجل بعد الوقت و أن عاد الى الاستسلام و اعترف بالهزيمة أمام سحر روحها الجارف وقد فطن فى أعماقه تماما من فيض احتراقه بالتجربة أن المحاكاة لا تغنى إطلاقا عن لذة متابعة الأصل ؟
وشهوة بحسها الفطري أدركت من كثافة ضيوف المشير النسائية انه يقوم بحركة مناورة و تمرد ويقاوم الوقوع فى براثينها فأرادت احتواء ثغرة هذا العصيان وحسم المعركة لصالحها تماما وبسرعة فائقة لإسقاط جميع حصونه و دفاعاته ومحاصرته تماما فضربته ضربتها المفاجئة و الموجعة على غره من أمره بهجوم كاسح عندما أعطت له جائزة شرفية كبرى ونواط شهوة من الطبقة الأولى فحجزت له فقط مقعدا خاصا فى منطقة أردت أن تكون مظلمة فى الشرفة التى تطل على حجرة نومها ليكون قريب بقدر ما من شبه الوضوح بل و فتحت النافذة و أسدلت ستائره التى تتطاير بفعل الهواء الجامح العابث مانحة له متعة المشاهدة و السمع الحي وقد جلبت امرأة شهوانية أسبانية لتقلم له منبت غابات أشجرها حول موطن شفرات الرغبة الموقدة فى محفلها الأمامي وعلى موسيقى الإيقاعات الموشحات الأندلسية تطور الأمر إلى مساج يدوى امتزج فيه الجسدان بعرق الفرك و ضغط التداعك و انقلبت حرارة الموقف قى النهاية إلى دق متبادل عشوائيا جامح وهما يمارسا فنون السحاق الاحترافية الى أقصى مدى من تجريب خيال فنون المتعة الحسية ولم تترك شهوة عشيقتها الإسبانية إلا وهى جثة هامدة فى صحراء الغيبوبة بعد أن فرغت من ايقاعاتها الوثنية المارقة الماجنة الحارقة وقامت وغابت عن إطار المشهد الداخلي لغرفتها و فجاءة ظهرت امام سيادة المشير من خلفه ترتدي روبا حريريا ممزوجا بالدانيتلا الشفافة ملتصق بجسدها المبتل بشعرها من عصير لقاء جماع العشاق متحدى الجنس و طلبت منه ان يشعل لها سيجارة و أصابعها من الإعياء تهتز و جسدها ينتفض لا إراديا على فترات قائلة له و هو أيضا شبه فاقد الوعي "انه من دواعي فخري أن يكون جارى سيادة المشير عبد الحكيم أبو حمامة جالسا فى شرفة منزلي أمام غرفتي نومي ويشعل لى سيجارتي الآن "
وتركته و اتجهت نحو باب الشرفة و دخلت لحجرتها وهى تغلق نافذتها الزجاجية قائلة "الليلة أنا مجهدة كثيرا لن استطيع المكوث مع حضرتك كثيرا انه شرف كبير أن تدخل الى بيتي فى اى وقت... تصبح على خير سيدي المشير".
لم يهتم المشير أن كانت شهوة فد لاحظت مراقبته لما يدور فى غرفة نومها .... ولم يبرح مكانه فالتصق به من تدافع الأمواج و الأحداث و ظل يتناول سجائره دون ملل حتى نفذت و حاول أن يترك مكانه عديدا من المرات و لم يكن فى ذهنه اكثر من ان يستمر العرض السحاقى الذى توقف ولو لحظة و ندب حظه لعدم جلبه الكاميرا الديجيتال لتسجيل وقائع الحادث الهام.
وطردت شهوة المرأة الاسبانية بعدما أعطت لها نفقات الدور الذى لعبته الليلة و راقبت المشير و هو يرحل الى بيته وكانت تخشى على الرجل من شدة الصدمة و كانت تدرك انه يمكن من كثافة الجرعة التى شاهدها ان تجهز عليه ..
وفى حمام الشاليه الخاص به كان جسد المشير يحمل اثار من جروح معارك عسكريته البائدة وهو عاريا مسترخيا داخل البانيو فى حالة هلوسة تدور داخله صراعات و افكار مشوشة لامعنى لها وهو ينظر أمامه على الحائط المظلم فيرى صور متلاحقة لذكريات مختلطة و متضاربة و مشتته من الحرب الى السلام من الأسرة الى الأصدقاء و الأبناء الأحياء و الأموات المارقين و المتمردين و المستضعفين الطيبين الى حسنات شهوة وما تبقى من أجزاء جسدها مع زميلتها السحاقية كان يريد ان يوقف عقله ولو قليلا فكاد أن يرطم رأسه فى الحائط منتحرا ....
و اذ بشهوة أمامه تخلع روبها الحريري وتهبط فى الاتجاه المعاكس له فى البانيو وضوء الشموع من خلفها قد شكل هالة ذهبية على أطراف شعرها كالقديسة مريم .. ظل المشير ينظر الى ملامحها البتولية المتوارية فى الضوء الخافت لمدة طويلة و كأن الزمن و الهواجس قد توقفت فى راسه و عقله و تصور أن يحلم فإذ به يتحسس صوابع إقدامها فسيقانها فأفخدها غير مصدق رغم أنها تلامسه و توغل فضغط بيده على قلب أسرارها بين أرجلها فأصدرت صوت ناهد جميل فعاد مرتخيا بظهره يلامس حائط البانيو و قد تأكد انه لا يحلم ثم انخرط فى البكاء المستمر فاندفعت نحو صدره لتضمه و تقبله كطفل حتى يهدأ وعندما لمس صدرها صدره كان شئ يسرى فى جسده من خليط نشوة السكينة الإنسانية ودفء الروح ورغبة الراحة و عندما استيقظت فى الصباح كانت هى على صدره و هو نائما يضمها بقوة كأنه طوق النجاة الأخير فى الحياة و البانيو...

وفى المطبخ ظل الرجل ببرنس الحمام صامت طوال فترة الإفطار و يأكل بطريقة ميكانيكية و هو ينظر فى اللاشئ رغم أن شهوة كانت تجلس أمامه و قاطعت الصمت و الشرود سائلة "تريد النسكافيه بلبن أم قهوة " لم يرد فقامت إلى بار المطبخ المفتوح على صالة المعيشة و أعطته ظهرها و التفت إليه برأسها وأعادت تكرار جملتها وو ضعت فنجان من القهوة امامه و وقفت خلفه وقامت بعمل مساج للرقبته التى وهى تحف بأطراف ثديها ظهره ثم توقفت فجأة لتتناول مشروب النسكافيه بعدما شعرت بالحرج من سكون هدؤ المشير الذى ظل يراقبها وهى جالسة في مواجهته وهربا من نظراته تحاشت النظر له وأخذت من أمامه فنجان القهوة الذى فرغ منه ورجت برفق ماتبقى منه بالقاع و قلبته على فمه في طبقه وشرعت في قرأته وهى تحاول إن تجمع حواسها بحثا عن مايدور في ذهن المشير فإزاحة روبها الحريرى قليل من على صدرها بأصبع السبابة ودارت به حول دائرة حلمة ثديها الأيسر المنتصبة تضربها بلطف بظافر ها على مهل بين الحين و الحين وقد رسمت حوله وشما
قطع المشير أوتار الصمت المختنق في ذوبان القلق وقد توجه بالنظر إلى عينيها في ترقب حاد متسائلا" ماهذا الوشم ؟"
فركت شهوة حلمة ثديها بإصبعي السبابة و الإبهام و مطته إلى الإمام وأجابت " إنه ليس وشما بل رسم زهرة يزول مع تكرار الاستحمام " ثم صمتت برهة ووضعت الفنجان على المنضدة وإصبع الوسط في يدها اليمنى يصنع دوائر صغيرة في ماتبقى من قهوة في طبق الفنجان و تلعقه في فمها و هى تحسس جانبها الايمن وبطنها في دوائرة صغيرة بيدها الاخرى و هى تنظر بإصرار الرقة للمشير وعادت للحديث قائلة" فنجانك طلاسم في بحر من أعاصير متلاطمة "
عقب المشير سؤاله " رسمك غامض ؟"
انتبهت شهوة إلى ما يقصده المشير وهبت وذهبت إلى مرآة المطبخ و أزاحت روبها فهوى على الارض ووقفت بظهرها تتطلع إلى ظهرها في المرايا وعادت الى حيث يجلس المشير وارتكنت بظهرها على المنضدة أمامه قائلة " أنه وشما يدعى قشتالة صنعته لها إمرأة مغربية " وقفت ودارت بظهرها وألتفت بعنقها نحوه متسائلة "هل أعجبتك ...؟"
نظر إليها متنبها ثم نظر بقوة إلي عينيها والى شعرها المتناغم خصلة على ظهرها نحو مؤخرتها التى تحمل و شما قشتالة و هى ترتدي سروال أسود من نوع الاسترنج ثم إلى عينيها ثانية مرة أخرى و كأنه أب يحذر ابنته من ان تحتشم امامه ... فقالت "سوري" و ذهبت إلى مرآة و عادت مرتدية الروب الحريرى المطرز بالدانتيل


ففجأها المشير
قائلا:" من أنت ؟"
ما ذكرته شهوة كان مبسترا عن عمد فهي من أصول مختلطة فأبوها سوري تركي توفى وهى صغيرة وتركها مع أمها الأرمينية المنحدرة من أصول يونانية اسبانية تزوجت الابنة من ثرى أرمينيا لبناني يعيش فى مدينة العدالة و السلام و لكنهما لم يستطيع التعايش فلم يتحمل وهاجرها هاربا بعد ثلاثة سنوات الى استراليا بعد إنجابها لطفلتهما جونيدا فعاشت على مدخرات أمها فهى لاتطيق العمل رغم أنها درست علوم الفلسفة بجامعة السربون الفرنسية ولكن كل من تعمل معهم من موظفين ومدراء وأصاحب شراكات أو عملاء من رجال و أحيانا من نساء يريدوا أن يواقعوها و بعضهم يرمق ثنايا منحنيات جسدها الملتف مراقبا و هو يقذف مشاعره الى الخارج معتمدا على ذاته و يده لذلك فقد سئمت العمل وأقامت قضية مبتكرة ضد جد ابنتها المليونير البخيل ليدفع عن ابنه نفقات المعيشة لها و لابنتها حيث أن الكنيسة ترفض تطليقهما ....
استمرت العلاقة بين المشير و شهوة متشابكة اقرب للعلاقة بين الأب والحفيدة أحيانا و العشيقة الشقية أحيانا أخرى معا ..فقد اقتربت منه كثيرا و مارست معه علاقة جنسية غير كاملة أو ما يسمى قوة الجنس الناعم بما يشبه علاقة حديث الوسادة وهو استمر معها فى حديث متصل عن حياته و كانت هى مستمعة جيدة وصحبة معه من دورة المياه لغرفة المعيشة ومن جالسة على أرجله الى وسادة نومه
و قد حاولت ذات مرة أن تعتليه الا أنها تراجعت لأنه شعرت أنها ممكن أن تفقده حياته قائلة له ضاحكة "يا مشير يا عجوز عضوك قدر لبوس"

"عضو متقاعد صغير "

دون أن يخبر شهوة قام المشير متطوعا ببحث مشكلتها ضد أبو زوجها من غرفة عملياته بقصر الرئاسة و رصد معلومات عبر نفوذ أصدقائه حول اسم القاضي الذى ينظر قضيتها و اتصل بصديقه القديم اللواء إحسان شنب حاكم محافظة الحسكة فى ولاية ليبيا التى ينتمي لها قاضى الأحوال الشخصية الذى ينظر قضية شهوة ضد أبو زوجها الهارب و طلب منه التوسط ومارست ضغوط على القاضي فى دئراته المدنية لحسم النزاع القضائي لصالح شهوة و تطورت الأحداث و استطاع المحافظ أن يطوع القاضي و طلب المشير من شهوة أن تسافر إلى اللواء إحسان شنب وفى ضيافته سيقوم باعداد لقاء تحضره للتفاهم مع القاضى لإنهاء المشكلة و هناك تعرفت على القاضى محمود ابو طاقية و تعددت اللقاءات وشعر أبو طاقية أنها صعبة المنال نظرا الى قوة نفوذه و جمالها و صلاتها الوثيقة النافذة برجال الدولة فى الولايات العربية المتحدة التى لايستطيع ان يزاحمهم فيها جنسيا الا انه وجدها فرصة أن يعتليها إلى التدرج إلى منصب وزيري أو رئيس المحكمة الدستورية العليا لمدينة العدل والسلام أو على الأقل منصب مفوض العام للولايات العربية المتحدة خصوصا أنها أوهمته أنها تستطيع أن تفعل اى و كل شئ.
المشير أبو حمامة على صعيد أخر بدأ انه أكثر نشاطا و كان لشهوة دورا فى ذلك فقد دفعته لمزيد من ترجمة كتب عن إستراتجية الحروب و ساعدته فى ذلك و اقترحت عليه أن يلقى محاضرات فى الأكاديمية العسكرية العليا بصفته دكتور غير متفرغ و قد قوبلت محاضراته بترحاب شديد على مستوى هيئة التدريس من السادة الضباط او من طلبة البكارليوس أو الدراسات العليا و كلما دخل إلى محاضرة وقف الطلبة و الضباط لتحيته العسكرية رغم انه يرتدى ثيابه المدنية و صفقوا له بحرارة عند نهاية المحاضرة و التفوا حوله بحثا عن صورة تذكارية تجمعهم معه و مع شعبيته العسكرية الطاغية امتدت العدوى إلى باقي الأكاديميات و الكليات العسكرية فى الولايات العربية المتحدة التى طالبت ان يحاضر سيادته فيها..
و أصبح جدول مواعيده و سفرياته مزدحما للغاية و أصبح بلا جدال الأب الروحي للعسكرية فى محيط الوطن العربي وعلى صلة بكافة ضباط العالم العربي و مع زيادة وبروز نجوميته طلب منه إلقاء محاضرة فى الأكاديميات و الكليات العسكرية الأوربية العتيقة لكن كل هذا لم يعجب السيد رئيس دولة ولاية العدالة و السلام وكانت أجهزة الدولة السيادية ليست بعيدة عن عقل الرئيس وتراقب المشير وتحركاته و كافة اتصالاته و لم يكن صعبا ان ترصد المحاورات الهاتفية للمشير و علاقته بشهوة و أبو طاقية و قبضت على الاثنين الأخيرين أثناء تواجدهما فى الأرض التى توسط فيها المشير لدى وزير الإسكان و التعمير فى لبنان لتخصص لزوجة القاضى ، و أجبر القاضى أبو طاقية على تقديم استقالته وأفرج عن شهوة و سربت الأجهزة المعنية تفاصيل المحادثات الهاتفية بين أبو حمامة و شهوة و أبو طاقية إلى الصحفي ناقل الويشى التى نشرت فى مجلة "محلة يوسف " التى تصدر باللغة العربية من لندن.
إلا أن المواجهة المرتقية كانت قاسية و عاصفة بين الرئيس و المشير فى قصر الرئاسة فلأول مرة هاجم المشير الرئيس واتهمه بمحاولة اغتياله بطرده من الخدمة دون سبب واضح و تهمشيه فى وظيفة لا قيمة لها فى غرفة فى قصر الرئاسة لمراقبته عن كسب و أن حدوتة وهم صندوق الانتخابات المزورة الذى يأتي بالرئيس إلى عرش السلطة كل دورة لا تنطلي عليه و أن الرئيس أصبح يخترع الأكاذيب و يعيش فى كنفها ويسوقها للناس فيصدقوه فأصبح بدوره يصدق مهاتراته ......
أنفعل الرئيس صائحا " انك مازالت تتكلم مع الرئيس المنتخب و أنى لحزين أن عاهرة تفقد المشير صوابه بعد أن شوهت تاريخه وجعلته يخرج عن حدود أدب و لياقة الحديث مع الرئيس..
لكن المشير وقد إنفجرت الدماء فى وجهه وتهكم على الرئيس و قد ارتفع صوته بعصبية و بحة ألم فى صوته المختفي من الانفعال قائلا "أن من يتحدث اليوم معك سيادة الديكتاتور المنتخب صديق وليس المشير المعزول كما هو شائع عنى فى قصر رئاستك"
ظل الرئيس ينظر له من خلف مكتبه بصارمة و حدة وهو يغلى بحمائم داخله مستمعا لحديث المشير وهو يدافع عن شهوة وينكر اتهام الرئيس لها بالدعارة معتبرا أنها كانت الأمل الذى أشعل جذوة نور الحياة فى عينيه مرة أخرى بعد انه أحاله للتقاعد و انه لم يخطئ فى علاقته معها و التوسط لحصولها على نفقة من زوجها كما لم يخطئ فى التوسط لدى القاضى ليعطيه حقه المشروع فى أراضى الدولة التى توزع على كل من هب ودب متسائلا ما الضرر أن يفوز القاضى بأرض لزوجته فالقضاء نفسه يوزع عليهم الأراضي بسخاء فى كافات الولايات و ما الجديد فى ذلك؟
غضب الرئيس بدوره و أبرقت عينيه بالشرار و قد عرف عنه قدرته على تمثيل الانفعال لإرهاب الأخر..ورفع صوته الذى دوى صداها فى مكتبه مؤكدا أن ولاية العدل والسلام ليس عزبته الشخصية حتى يترك صديقه المتصابي يدفع عن مومس ويراعى مصالحها و أن أفعاله المشينة التى يخجل من ذكرها كانت وراء خروجه من الوزارة .... و اتجاه الرئيس نحو باب غرفة مكتبه و قال له قبل أن يطرق الباب خلفه خارجا انه لن يسمح له بالإساءة الى القصر الجمهوري و استخدام تليفوناته لمحادثات الغرام و تلويث اسم الرئاسة بنزوات مراهق مع من هن فى سن أحفاده.
استمر المشير جالسا فى غرفة مكتب الرئيس و حيدا لا يدرى ماذا يفعل بعد أن أصبحت فضيحته يتنقلها العالم العربي ... و بينما كان الرئيس غارقا فى الضحك مع من حوله فى المكتب المجاور مما كانوا يتابعون اللقاء عبر شاشة كاميرات المراقبة المثبتة فى مكتب الرئيس ويعلق لهم على تفاصيل لقائه بالمشير و طلب من احد مستشاريه أن ينهى المسلسل و يذهب للقاء المشير فى غرفة مكتب الرئيس و يقدم له المشورة بما تم الاتفاق عليه ..
و دخل صفوت الكأس مستشار الرئيس على المشير بالمكتب فوجده وسط دموعه فأحضر الكرسى فى محاولة لاصطناع التعاطف و الود و جلس بجواره و قام بتهدئته وطلب له عصير ليمون بالنعناع و سمع منه باهتمام بالغ تفاصيل لقائه بالرئيس و ملابسات و ظروف الموضوع و طلب منه النصيحة التى لم يتوان عن تقديمها فابلغ المستشار المشير انه يجب أن يهدأ حتى يفكر جيدا فالموقف صعب على صديقان ومن هنا عليه أن يرفع الحرج عن سيادة الرئيس والرئاسة و أن من واجبه الآن أن يقدم استقالته و يضعها تحت تصرف فخامة الرئيس و هو ما قام بتنفيذه حرفيا السيد المشير أبو حمامة فورا عقب النصيحة و ما أن دخل بها صفوت الكأس الى الغرفة المجاورة بعد أن ودع المشير فانفجرت الغرفة بالضحك .

فى الصباح نشرت الصحف القومية للولاية خبرا مقتضبا عن قبول الرئيس استقالت المشير لظروف صحية ولم ينقذ المشيرمن بالونة ورطة الفضيحة سوى شهوة التى فتحت له زوايا الرؤية واتساع الأفق فى لقاء مفتوح استغرق طوال الليل فى جناح فندق بقبرص حيث ظل ينظر لها صامتا و هى متماسكة تشعر بالغدر و الإهانة و الخيانة مندفعة فى الحديث متصل بأنها الضحية فى قصتها مع القاضى و ان المشير كان المقصود بذاته لتشويه سمعته و القضاء على تاريخه وهيبته و شعبيته لدى الشارع العربي كبديل محتمل ووحيد للسيد الرئيس وطلبت منه أن يجد لها تفسيرا لماذا يوضع هاتفها تحت المراقبة وقاضى لا حول له و لاقوه كذلك ؟ فهي الى حد علمها لا تسعى لقلب نظام الحكم كما أن أبو طاقية لم تلاحظ عليه اى أطماع فى السيطرة او الوصول للحكم ..و أن ما اقترفته للوصول لحقوقها فى النفقة الزوجية إذا كان جرم فيعتبر بالهين أمام مايحدث من مهازل و فوضى فى عاصمة ولاية العدل والسلام ؟
وأكدت أنها صارت عن يقين أن المشير تحت المراقبة و أن القاضى ليس سوى أضحية و طعم لتحجيم المشير و التعجيل بضربة إستباقية لإنهاء اى طموح قد يدور فى رأسه مع تزايد بزوغ نجمه من جديد فى العالم العربى و رأت ان القصة بأكملها مفبركة و لاتحتاج لكل هذه الضجة فهما على علاقة صداقة و لم يرتكبا اى شيئا مشين .. ورفضت دعوة المشير لمقابلتها مرة أخرى فى أوروبا و اعتبرت انه ليس هناك ما يمنع لقائهم فى مدينة العدل و السلام فاللعب الآن أصبح على المكشوف و لم تستبعد أن لقائهما فى هذه الليلة مسجلا صوت و صورة و ظلت تبحث فى الغرفة عن أجهزة تصنت دون جدوى ففسرت ذلك أنهم بعد ما فعلوه لم يعد هناك أهمية لذلك ؟
لم يصدق المشير كل ما قلته شهوة فى حديثها من وسادة فراشهما بالفندق القبرصي مما دفعها أن تترك الفندق فى صباح اليوم نفسه متوجهة غاضبة إلى باريس ...

ترك المشير الفندق و عاد لإستئجار الشاليه المطل على البحر الذى جمعه فى أول لقاء بشهوة و قام بدراسة المكان بعين جديدة و اكتشف أثار ندبات صغيرة فى نوافذ الخشبية للشاليه أدرك بخبرته أنها فد تكون أثار لما يعرف بالبجز و هو ميكرفونات تجسس أمريكية صغيرة فى حجم البرغوث تطلق من بعد بآلة رامية وتحمل بطارية شاحن ذاتي يستمر لمدة يومين ؟
فطالب من موظف بالشركة المالكة اطلاعه بكشف بيانات عن المستأجرين الذين سابقوه لمدة خمسة عشر يوما إلى الشاليه بالإضافة إلى شاليه شهوة المجاور و صور تحقيق هويتهم مقابل مبلغا ماديا...
فشك فى ثلاثة بطاقات هوايات مزيفة سابقة استأجرت الشاليه فى الأسبوع السابق لوصوله وعن طريق أصدقائه و تلاميذ ه فى مخابرات عدة ولايات عربية و دول أوروبية اكتشف أن صورة احدهما لضابط مخابرات بولاية العدل و السلام وكان يسكن فى الشاليه الخاص به وان الصورة الأخرى للسيدة كانت تسكن بشاليه شهوة المجاور قبل و صوله مباشرة ...و عاد موظف الشركة المالكة لإبلاغه أن كلا الشخصان انتقل إلى شاليهات شبه مجاورة للشاليه الذى كان يسكن فيه طوال فترة إقامته ؟
أما شهوة فقد كانت تسكن شاليه قريب نسبيا من المشير قبل و صوله بأسبوع و انتقلت إلى الشاليه المجاور له بعد مرور أربعة أيام من صوله ؟
وفى روما قابل صديقه برلسكونى رئيس الوزراء الايطالي فى حفلة ماجنة فى بيته الريفي كانت ممتلئة بفتيات شابات شبه عاريات و بواسطته تأكد من أن السيدة المجهولة وضابط مخابرات ولاية العدل و السلام قدما من فرنسا بهويتهما المزيفة إلى روما التى مكثا فيها بفندق روما ريجنسى يومين فى غرفة واحدة قبل تواجههما إلى قبرص و منها عادوا مرة أخرى إلى روما فى طريقهم إلى باريس فى ذات الطائرة ...
وفى باريس استقبله مرحبا الرئيس الفرنسي جاك شيراك فى قصر الاليزيه و ابلغه عن هدفه من الزيارة ..و بعدها بيومين جلس المشير فى باريس على مقهى فى شارع الشانزلزيه فى انتظار رجل فرنسى سلمه تقريرا عن الهوية الحقيقة للمرأة المجهولة التى اتضح أنها ماهى الا عميلة لحساب الموساد الإسرائيلي قدمت إلى باريس مع قرينها ضابط مخابرات ولاية العدل و السلام فى يومين متعاقبين و سافر كلاهما إلى بلاده بنفس الطريقة ؟
فرغ المشير من قراءة التقرير و مكث فى انتظار شهوة ...كان واضحا فرحتها بقدومه واحتضنته كثيرا كأنها و جدت آله .....
المشير رصد ثلاثة أشخاص يقومون بتصويره أثناء هذا الحضن الآلهى ....قال لها أن تغلق الهاتف الجوال و فجئها سألا:هل تعرفين صفوت الكأس ؟
هربت الابتسامة من على شفاه شهوة وكأن الماضى والسؤال يطارد ذاكرتها و واسترخت بظهرها على المقعد والتفت بعينها نحو سماء باريس الملبدة بالغيوم والتزمت الصمت وكأنها ركبت مكوك غيبوبة الزمان ...
عاد المشيرمكررا سؤاله :هل تعرفين صفوت الكأس ؟
نطرت شهوة الى المشير وهزت رأسها بالايجاب و التفتت ضائعة تراقب السيارات المارة على جانبى الطريق ثم عادت تنظر لعينى المشير قائلة في ثابت "لكن لم أعمل معه "
المشير:هل طلبت منه إن يسدى لك خدمات ؟
شهوة و قد تمالكت نفسها: وهل طلبت منك أن تسدى لى خدمات ؟
المشير غاضبا: هل قدم لك أى خدمات ؟
شهوة :نعم وقد سددت الفاتورة...فقد أجبر زوجى إن يرحل الى إستراليا!
المشير:هل أردت ذلك؟
ضوى صوت شهوة بصدى صوتها المنطلق ضحاكا في وجه المشير:تتكلم و كأنك قروى ساذج ...أ لم تدرك أساليبه حتى الان ؟
المشير:ولماذا يفعل ذلك أيحبك لهذه الدرجة ؟
عادت شهوة الى الضحك بهيستريا ساخرة من المشير وبصوت متقطع من آثار ضحكاتها قالت:يحبنى ....هأهأهأ ينبغى أن تسأله في ذلك هأهأهأهأ ...
أعلم انه يعشق أرجل أى كرسى يجلس عليه و يطيع ....هأهأهأ آسفه بل يلعق حذاء أى سيد أجلسه عليه؟
المشير:ولماذا لم تخبرنى بذلك؟
شهوة:وهل يجب أن أخبرك بكل أصدقاء أبى....
على العموم أنت كنت واحد منهم ....لكنك لم تهتم بمائدتة قدر اهتمامك بطفولتى المبكرة لتطردنى في مطبخنا ...الا تتذكر سيادة المشير؟
انتكس رأس المشير نحو أرض رصيف المقاهى و اقتضبت شفاه صامتا
وشهوة تنظر له بأمعن قائلة:الذكريات قد تجلب لنا أشياء نبغى إن تظل في جراب بنك خزائن صمتها و العكس أحيانا...
سألها المشير قبل إن يرفع رأسه المنتكسة في منتصفه ساكتا لبرهة قائلا :
"كنت رائعة حتى في طفولتك ...لكن لماذا كنت فى قبرص قبل أن تشاهدني لأول مرة ؟"
شهوة :كنت فى أجازة الصيف ؟
المشير:و أين كانت ابنتك؟
شهوة:كانت مع أمى فى مدينة السلام؟
و أضافت مستنكرة "لماذا تسأل هل انا مطالبة بتسديد ديون لم ارتكابها طوال حياتى ؟"
ولكن المشير استمر فى سؤاله :و هل أنت معتادة ان تترك ابنتك و تسافري للخارج؟
شهوة: نعم...لأني أقوم بتسوق كثيرا لشراء ملابس من قبرص و تركيا و إيطاليا وباريس أبيعها لأصدقائي عندما أعود من السفر.
ضحك المشير...
شهوة: "متضايقة ":لماذا تضحك...أنا لا تحمل ضحكاتك و تكاليف فواتير بقاء كرسى الكأس ؟
المشير:وكيف تقومي بإدخال كل هذه الملابس لمدينة السلام؟
شهوة :انك تتحدث و كأنك لا تعرف مدينة السلام ...الامر لا يتطلب الجنرال صفوت أفندى الكأس ..لي أصدقاء فى جمرك المطار و قسم أخر أرسله عن طريق أصدقائي المضيفات و الطيارين فى شركات طيران مختلفة...وهناك شحنة أريد إرسالها من باريس هل يمكنك أن توفر لي طائرة عسكرية لذلك دون القبض على و إنعاش الصحف بصورتي على الصفحة الأولى ؟
ضحك المشير كثيرا
بينما شهوة علقت "بابا حمامة...يا بارد هل عملت محققا قبل ذلك... انك اليوم تشبه الغبى و كيل النيابة الذى كان يحقق معى و يسألنى متلعثما عن علاقتي بأبو طاقية و ووجه فد انتفخ حمرة وأنا اسمع عضوه متشنجا وقد انتصب متأججا وكاد ان يخترق سطح مكتبه مخترقا ....؟
المشير:يستاهل ...
شهوة:من؟
المشير:سطح المكتب

استمر المشير فى الضحك من قلبه مع شهوة و نادي على الويترز و طلب زجاجة من النبيذ الأحمر فرنسي.
وعاد لسؤالها :لماذا غيرت الشاليه الذى كنت تسكني فيه إلى الشاليه الملاصق لى فى قبرص؟
شهوة:سأجوابك رغم إن دمك ثقيل و مازالت تشكك في مؤخرتى بمسمارا صدأ...شاهدتك فى المنتجع بالصدفة و أردت أن أتعرف عليك وجدتها فرصة عندما سألت الشركة المالكة فاخبروني أن الشاليه شاغر و لا يحجزه احد حتى نهاية الشهر...
المشير:هل كنت تدركين أنى أراقبك؟
شهوة:تعرف انك مشير سمج و دمك ثقيل ؟
أعاد المشير السؤال:هل كنت تدركين أنى أراقبك؟
قامت شهوة مبتسمة و جلست على أرجل المشير و حضنته
قائلة:كنت تراقبنى منذ الطفولة وتركتك تلامسنى و اعلم اليوم انك مشير عجوز و لك عضو صغير متقاعد لا يستجيب لمحبتي ؟
المشير:هل تعلمين أن هناك ثلاثة كاميرات تقوم بتصويرنا الآن كنجوم غلاف لمجلات رخيصة
غيرت شهوة من طريقة جلوسها و فتحت أرجلها وجالست على أرجل المشير و هى تحضنه و تقبله قائلة" لولا الجو بارد لنزلت إلى أسفل لأداعب عضوك المتقاعد فى صورة ستجلب لنا مال وفيرا إذا طلبت تعويضا من المجلة التى ترصدنا و لكنى سعيدة بان صفوت الكأس سيشى للرئيس وسيعرف الآن أنى مازالت احبك كما تحبني رغم أسئلتك الباهتة ؟
وتعالى صوت شهوة و لفت انتباه المحيطين الذين ابتسموا و هى صاعدة هابطة تتمايل بشعرها فى نشوة تمثلية وهى تعتليه رافعة يدها كمن يعتلى ثورا مرددة عدة مرات "بافلو فاك مى"
ضحك زبائن المقهى وهم بحفزونه و بعضهم يقولوا "بافلو جو أون" وآخرون .."أوليه أوليه أوليه" ....والمشير كاد أن يموت من الضحك و هو يحضنها قائلا :اهدئي شوية على رأى إبراهيم سعفان وإشربى البرتقال
الحاج S.I.D.



كان رجل الظل و أقرب أصدقاء البطل المقربين دائما فلم يكن في مقدروه إن يكون الرجل الأول و لكن فطن إن بإستطاعته إن يقفز من الرجل ما بعد الألف ليكون ضمن قائمة زمرة أهم مائة رجل بولاية العدل و السلام فى طريق طموحه نحو الدخول فى دائرة الخمس الذين يقفون وراء الرئيس فى الكواليس ... تدرج فى عدة مناصب وزارية حتى أصبح سكرتير عام الحزب الحاكم فى الولاية العربية المتحدة ورئيس مجلس الشيوخ وظن الجميع إنها بداية نهاية نجوميته ومناصبه التى لا تنتهى إلا إن كان يفرض وجوده قفزا من مقعد مهم صغير إلى كرسى جديد أضخم وأعلى .. لم يحترمه أحدا لكن لم يستطيع إن يستغنى عن خدماته أحدا أيضا فمنذ طفولته لقب بالثعلب و كانت قصر قامته سببا مزدوجا لالتصاقه بالأقوياء فهو فى حاجة لقوتهم و سلطتهم و هم بحاجة لضعفه و صغر حجمه ليستغلوا دهائه و خياله ونعومة شراسته فى السيطرة على عقول قطيع من الضعفاء و الأقوياء سويا ...الرجل كان يدرك حجم نفوذه ومواهبه فيطلق مائة ألف قناع ينتظر تجمعهم للاتصاق بوجهه كل مساء قبل إن يخلد إلى النوم في سريره فهو إرتضى إن يكون اللاعب الأساسي الذي يخترع و يروج الخطط لأسياده ويتركهم على مهل فى إستكانة لدراسة الموضوع و تعديله وفق الإلهام الألهى الذى إصطفى به الله عقولهم الخاوية فيقعوا فى طعم الكأس و يتبنوا ما خططه لهم وماأراده و يعودوا فى إفرازه طبق الأصل كما رواه و أبدعه و كأنهم أصحاب حقوق ملكيته ... و عندما يطلبوا مشاورته فيما ظنوا أنهم من وحى بنات أفكارهم ... يقفز قلبه من لسانه بالإشادة بعبقريتهم وحكمتهم فى الوصول إلى هذه الحلول العملاقة و الغريب أنهم كانوا يتفقوا إنه خير من ينفذ إختراعتهم المسروقة من بنات أفكاره فهو الجندى ألاشد إخلاصا و الأكثر ثقة رجل المخابرات السابق العميد صفوت الكأس الذى كان لا يتوانى إن يقف أمام الجبابرة يدون ملحوظاتهم و توجيهاتهم التافهة فى كراسة صغيرة للملحوظات يحملها دائما ويحرص فى اليوم التالي على طلب مقابلتهم لاستيضاح نقطة تبدو له غامضة كتابها فى النوت بوك تحتاج إلى خيال وحي الأسياد ليشدوا بالتفسيرات بينما وهو يقف على أطراف أصابعه أو يجلس على طرف الكرسي أمام مقامهم العالى متأثرا من شدة اليقظة و الترقب و الانفعال بالحدث يدون و يسجل على عجلة من أمره ملحوظتهم الهامة التى تنير عتمة الوطن ... وكان أسياده منتشون وهم يشعرون انه مهرج من كثافة مبالغته لكن غرورهم يثنى على أدائه الرفيع وحسن ولائه وإخلاصه وتفانيه وهو كان يفهم مدى ما وصلوا اليه فى نطاق غبائهم و غطرستهم و يدرك إدراك مطلقا أنه سيد رقعة الشطرنج الذى يدير للملك معركة جيشه من خلف الكواليس لقد كانت مواهبه فاذة ومبكرة ومبشره و مبتكرة فى الانتهازية مماجعله ينضم إلى جهاز المخابرات العامة بولاية العدل و السلام بعد تخرجه مباشرة من كلية ضباط الشرطة وفى أول دورة تدريبية له فى الهند لاحظ اهتمام مدير الجهاز الزائد عقب حضوره ختام الدورة بما شاهده فى معابد كاما سوترا الهندية المحظورة و فلسفة الهنود عن علاقة الجنس بالسمو الروحى فعمل على زيارة الهند مرة أخرى و إستغل صداقات قد كونها مع أقارنه من ضباط المخابرات الهنود ليتسلل للمعبد الممنوع دخوله و يدرسه دراسة تامة وعاد باقتراح ومشروع لرئيس جهاز المخابرات بإنشاء فيلق من العاهرات ترأسه فيما بعد وسمى الشعبة 101 هدفه إخضاع الخصوم طبقا لاستغلال نظرية السمو الروحي فى معابد كاما سوترا الهندية القديمة و أسندت له المهمة و كون وقاد صفوت الكأس الشعبة بنفسه تحت إسم حركى العميل سيد عبد الوافي و أشتق من اسمه S.I.D نسبة للمخابرات الأمريكية C.I.A و هو اختصار لى " spicy intelligent delivery " و يعنى خادم توصيل طلبات المخابرات الحارقة الذى لقب به وإشتهر به فى عالم المخابرات فقد كان أول من صور و اشرف بنفسه على تصوير أفلام إباحية عربية فى أواخر السبعينات مع ظهور أجهزة الفيديو المنزلية لإيجاد مصادر تمويل الأنشطة السرية لوكالة المخابرات العربية ولم تخلق عاهرة واعدة ظاهرة أو مستترة فى الشرق الأوسط محلية أو مستوردة إلا و كان له سجلا أرشيفيا متكاملا فى الشعبة 101 و قد جند عديد من الممثلات و المغنيات العرب ضمن شعبته حتى تحول إلى أسطورة فى عالم المخابرات و أطلق عليه "سيد برنو بروديوسر " أو سيد الإباحى " و رغم غرق الجنرال صفوت الكأس فى تجارة الرقيق الأبيض الوطنية المقدسة إلا انه لم يتورط أو ينزلق فى أي علاقة جنسية مع عميلاته بل كاد يمارس عمله كأنه الساموراى الراهب فى معبد أو النبى الداعية لوط وسط قومه و كان أكثر رجال السلطة أفتخرا برقمه القياسى فى العمرة و الحج بل إن سمعته المالية لم تتلوث على الإطلاق إلا إن وصمة تافهة لوثت تاريخه من الحاقدين عليه عندما عنفه فى بداية التجريب رئيس وكالة المخابرات العربية ليس لأنه قام بتوصيل مومس إلى الهدف ولكن لأنه ظل فى إنتظارها فى سيارته حتى فرغت من ترويض الهدف بدعوى تأمينها فقال له"ده شغل قوادين مش مخابرات"
وهو ما جعله يعمل بنصيحة رئيسه فإقتصر عمله على التوصيل دون الانتظار... وقدمت السينما العربية خمس أفلام على الأقل مستوحاة من قصة حياة الداهية صفوت الكأس أشهرها "كشف حساب"عن راسبوتين البلاط الملكى العربى ساهم هو ذاته بشكل غير مباشر فى تمويله كنوع من تبرئة الذات وطلب العفو عن الماضى و طلب التصالح مع الواقع من أجل غريزة البقاء ومع هذا سيظل التاريخ العربى الحديث يتذكر له هذه القدرة والمقدرة فى كيفية صعود هذا الرجل إلى قمة السلطة و الأغرب إستمراره فيها طيلة أربعون عاما مع تمتعه بكافة عناصر هالات التقدير و الاحترام والتقديس و التبجيل دون أدنى إعترض أو تذمر معلن من كائن كان من الأسياد أو العبيد فى عالمنا العربى شديد الحساسية من ولوج أعلام سياسيات الابتهالات الجنسية ؟
وعندما صات أمرها فى العالم العربى لم يعد مقبلا على وظيفته فتوسع فى خدماته فتفتق ذهنه على إنشاء الشعبة 107 والتى تطورت فيما بعد وأصبحت أكبر شعبة لتهريب السلاح و الآثار فى العالم العربي و الآسيوي وأضيف لها تجارة المخدرات حديثا و يشهد له تنظيم أول و أكبر مباريات مراهنات للرياضيات العنيفة السرية فى الشرق الأوسط و الأدنى لأثرياء العالم التى ينتهى الصراع فيها بالموت لأحد أطرافه المتصارعين ومكأفاة ضخمة للفائز ..
وعندما شعر أن هناك ضغوط و ملل من كثافة بقائه وزيرا للداخلية ضمن عدة حقائب وزارية تولاها وتعاقب عليها ورغم علمه المسبق بتفاصيل المؤامرة منح ثلاثة من أعضاء تنظيم ساسيى دينى سرى أخترع له إسم "الموفدون من الله" فرصة محاولة إغتياله أثناء أستعداد موكب سيارته للسير من إمام منزله ففجر أحدهما نفسه و قتل الحرس أخر وترك الثالث يهرب و خرج الكأس من الحادثة مصابا إصابة سطحية و برصاصة فى الكتف متفق عليها من مسدس أحد حراسه وهو ما جعله بطلا قوميا يضحى و يفنى ذاته حب فى رداء الوطن فينجو من طعنة الارهاب السياسيى الذى تصدى لتنظيماته كما صور و إخرج و تدوال صديقه وزير الاعلام الحادث و هكذا أصبح رئيسا للوزارة بعدما كان المرشح الأول للخروج منها فى أى تشكيل أو تعديل وزارى قادم وفى رحلة تصعيد علاء لخلافة أبيه الرئيس ترك صفوت الكأس مهام رئاسة الوزارة لمجموعته الاقتصادية وأقنع الأب بضرورة تفرغه لإصلاح الهياكل التنظيمية للحزب الحاكم لتهيئة الأجواء لمناخ الاستثمار القادم فتم تصعيده كسكرتير عام للحزب الحاكم و لإستكمال مهامه الوطنية إختير رئيسا لمجلس الشيوخ وعندما قام فقراء العالم العربى بإنتفاضة الجوع فى الولايات العربية المتحدة و ما لاحقها من أعمال نهب و سرقة و تخريب و تدمير فى المنشأت العامة و صدام مع الأجهزة الأمنية المحلية و الفيدرالية التى أصيبت بالشلل فلم تستطيع التصدى لجحافل المطحونين فسارع هو إلى قصر الرئاسة وقام بتشكيل فريق طوارئ لانقاذ النظام من السقوط والسيطرة على الموقف وإنزل قوات الجيش الى الشارع ومنع حذر التجوال عندما إنهارت معنويات الرئيس و فقد الثقة فى ذاته و السيطرة على أعصابه وحاول الهروب للخارج مع خوفه الشديد على حياته مع تداعيات الأحداث أثناء تدهور الأوضاع فى أغلب العواصم العربية و سيطرة الغوغاء على الشارع.....
ومع ضغوط من داخل أسرة سيادة الرئيس ذاتها أجبر صفوت الكأس على التخلى عن جميع مناصبه الرسمية و الحزبية إلا ان الرئيس لم يستطيع الاستغناء عنه فعينه مستشار لسيادته فى قصر الرئاسة
فعاد لتقديم خدماته و كان أولها إستعادة الإجماع السياسيى و الشعبى خلف سيادة الرئيس و نظامه الذى أصابه شرخ عنيف و إنكسار حد عقب إنتفاضة الجياع فى الولايات المتحدة وفى سبيل ذلك إنتهز فرصة زيارة الرئيس لولاية الصومال لرأب الصدع بين أطراف المتنازعة على السلطة المحلية هناك و قام بالتخطيط لعملية صورية لإغتيال الرئيس نسبها إعلاميا لعناصر متطرفة تنتمى لتنظيم القاعدة حيث أطلق على موكب سيارته الرئيسية المصفحة أعيرة نارية خارقة للدروع و دوى إنفجار لغم قرب السيارة و لذا المهاجمون الذى قدرت الأجهزة الأمنية عددهم بخمسة عشر إرهابيا بالفرار مخلفين تسعة مدافع R.B.G. لم تستخدم فى الهجوم ؟
وأصيب الرئيس بجروح طفيفة و تلفيات كبيرة فى سيارته حيث كان يجلس بجواره صفوت الكأس !
و وطبقا لخطة المستشار دعمت نجاة الرئيس فى هذا الحدث الثقة فى نظامه و ارتفعت شعبيته فى كبد الاعلام العربى الذى روج للاخطار المتربصة بالعالم العربى ورفع سقف هواجس هول الفوضى فى ذهن المواطن العربى من جراء الإرهاب الساسيى و العنف الدينى المنتشر وشكر الأقدار و عناية الألهية التى إنقذت الرئيس من أجل المواطن محدود الدخل و أمنه و دفع سلاحف عجلة الاستقرار والسلام و التنمية فى ربوع الولايات المتحدة العربية .

مؤامرة الديكتاتور المنتخب

تنبه المشير أن خبرته فى المجال العسكرية التى وتفوق فيها وأفنى عمره فيها أن قد منحته كل أسرارها و استغراقه فيها لم يضيف له شيئا جديدا مما حرمه من أن يطور نفسه فى المجال السياسي التى ازداد فيه زميله السيد الرئيس ثقلا و حنكة وخبرة ونفوذا دوليا و عربيا بالإضافة الى خبرته العسكرية المحدودة فى سلاح البحرية اضعف الأسلحة العربية فأراد للمشير ان يتقوقع داخل زيه العسكرى و قد ساعده المشير كثيرا فلم يكن لديه اى رغبة أو طموح أن ينازعه فى منصبه أو يزاحمه و هيئت له الظنون من حين و أخر أن الرئيس سيشرف بنفسه على تجهيزه ليحل محله كبديل له فى الوقت المناسب فقد ترك له إعداد الجيش وتطوير تسليحه استعدادا لمعركة السلام ...و استغرب المشير أن الرئيس يشعر بالتوتر من نفوذه على مستوى الجيش فخلعه منه بهذا الصورة الدراماتيكية فربما أوهموه بأنه يدبر انقلابا ضده و زادت دهشته لماذا لم يقتله مادام يشك فى ولائه هل لعدم يقينه من خيانته؟ أو لان صداقتهما كانت حائل دون ذلك فأراد أن يمسك العصا من المنتصف ويحدد إقامته ويحتفظ به كرهينة داخل قصر الرئاسة بمنصب و همي الا انه عندما تمرد على التقوقع و بدأ التحرك خارج دائرة الاعتقال الافتراضي زادت غيره الرئيس و حساسيته من مجرد نفوذه الأدبي داخل الجيوش العربية كمجرد محاضر لدرجة أن يلوث سمعته و يراقبه ربما لمجرد واشية من أصدقاء جدد له أو مستشارين سوء أو مدفوعا بحسابات موازين أخرى خارجة عن أرادته ... فليس من السهل التفريط به هكذا فى بلاد لا تعتمد السياسة فيها على شرعية المؤسسات الحاكمة و لكن على حكم الفرد وبطانته من النخبة المختارة فتعبد الأمة الفرد وتقدس الأدوار التى قام بها ابطالها حتى تسبب فى تلوثهم بأمراض العفن المقترن بطول شغف بقائهم الأبدي فى السلطة ....و قد انتهت حيرته بتوقع أن الرئيس لا يخشاه لذاته و لكن هناك سبب غامض فى الكواليس جعله بدون سابق إنذار عدوا شخصيا مستترا للرئيس ...فضيق عليه ومنع بطريقة غير مباشرة كمحاضر فى الكليات و الأكاديميات العسكرية حتى قبل علاقته بشهوة ....
وردا على مؤامرة الرئيس ضده قرر المشير أن يبدأ ممارسة السياسة فسرب من حوله انه يريد تكوين حزب جديد يضم إليه أصدقائه من قادة الجيش و الوزراء و رجال الدولة السابقين و المثقفين فى الولايات العربية المتحدة فلاقت الفكرة صدى ناجحا هائلا بين كل فئات المعارضة بأنواعها وحتى داخل دوائر فى الحزب الحاكم على مستوى الولايات كلها و الدوائر السياسيات العربية التى اعتبرتها أنها خطوة غير مسبوقة ستحرك بركة الحياة السياسية الراكدة التي فشلت فى تخليص كرسي الرئاسة فى ولاية العدل و السلام عاصمة الولايات العربية من براثين الرئيس طوال ما يفوق ويزهو عن الأربعين عاما ..؟
وهاهو مستشار الرئيس صفوت الكأس يطلب مقابلة المشير فى بيته و يطلب منه استبعاد هذه الفكرة من الأساس بسبب أن الرئيس غير مستعد إنسانيا أن يقبل تماما وقوف المشير ضده فى الساحة السياسية كأعداء بعد الزمالة و الصداقة التي ربطت بينهما طوال تاريخهما المشترك و تحمل الرئيس كل تجاوزاته و انحرافاته وإلحاحه وتماسكه بعهد الولاء والإخلاص والصداقة رغم كل التحريضات لإقصائه التى كان يسمعها ضد سلوكيات أبنائه ...و قدم له عرض الرئيس
بمنحه أراضا بأسعار رمزية تدفعها الرئاسة على ساحل البحر لإقامة مشروع سلسلة منتجعات سياحية يملكها المشير و يتم تمويلها من البنوك الوطنية..لكن المشير رفض عرض الرئيس شكرا مشاعره نحوه و أشار الى رسوله انه ليس سمسار أو مقاول و أن الحزب مجرد فكرة يلوكها الأصدقاء ...
ومع انتخابات مجلس الولايات المتحدة أطلق المشير بالونة إختبار ثانية و أعلن انه يفكر فى الترشيح عن دائرة كفر الرجال منبت رأسه أمه فإذ بصفوت الكأس يعود لمقابلته معبرا له عن حرص الرئيس مرة أخرى على علاقته بسيادة المشير وعلى أهمية استبعاد الفكرة الترشيح فى مجلس النواب مؤسسا ذلك على انه لايليق بتاريخ السيد المشير أن يجلس مع هولاء الأرجوزات التى يحركهم الرئيس كدمى بإشارة من أصابع قدمه ... و فى نهاية المقابلة قدم الرسول هدية الرئيس مفاتيح قصر المشير على ساحل البحر المطل على منطقة الجولف المؤسس من أشهر محلات الأساس فى إيطالى و فرنسا ضمن المشروع الذى رفضه المشير سابقا فكان من نصيب صهر سيادة الرئيس ....

المشير أدرك أخيرا و بعد فوات الأوان ان الرئيس يهيئ إبنه لتولى الرئاسة خلفا له
وان هذا التخطيط كان معدا سلفا فى ذهن و عقل الرئيس منذ فترة عقدين و أصبح قيد التحقيق وتطور فى السنوات الأخيرة التى شهدت مرحلة الإعداد لتنجيم ابن سيادة الرئيس وصعوده التدريجي فى الحزب الحاكم فأصبحت تصريحاته تتصدر الصحف و القنوات التليفزيونية الحكومية قبل الوزراء أنفسهم وتنامي نفوذه المتزايد فعين أخيرا وزيرا للاقتصاد فى حكومة الولاية و لكنه مع التغيير الوزاري قام بتشكيل الحكومة بما فيها رئيس الوزراء وان احتفظ بحقيبة وزارته السابقة و احتفظ سيادة الرئيس بتعيين الوزارات السيادية فيما أطلق عليه التوازن الديمقراطي فى تقسيم كعكة الوطن بين الأب و أبوه و أصبح جليا أمام المشير أن إزاحته من السلطة و من اى نفوذ سياسي كان حلقة من حلقات مخطط مدروس قام به الرئيس لتوريث ابنه و هو سلوك أصبح شائعا فى جمهوريات الولايات العربية المتحدة التى مازالت ترفع الولايات الملكية فيها شعار (ملك يملك و يحكم )رغم سقوط سور برلين قبل حلول الألفية الثالثة بعشرين عاما سابقة فى رحلتهم لأول النخل ...
الى أن المشير ربما تجاوز بالفعل الخطوط الحمراء بحذائه العسكرى الغليظ فضغط على أعصاب الرئيس بقدر غير مقبول او محتمل محتميا بمشاعر و التزامات العلاقة الشخصية وواجبات الصداقة التى تربطه بالرئيس و التى قدرها بقيمة اكبر من حقيقة مجريات الأمور مع تقلبات السنوات والازمنة والمصالح مع استعذاب البقاء الابدى في السلطة فعندما أعلن ان سيرشح نفسه ضد الرئيس فى و لاياته الجديدة على رئاسة ولاية العدالة و السلام عاصمة الولايات العربية ...
كان المشير يدرك انه يقوم بتهريج ومداعبة من النوع الثقيل مع صديقه الرئيس فهو ليس بهذه السذاجة ليدخل حربا يعلم مسبقا أن ليست ميدانه فهو لايملك حزب او أجهزة أمنية أو إعلام يسبح فى ملكوته أو قضاء يتلاعب بالنتائج و أن شعبيته لايمكنها أنت تغير الأدوات التى تحكم الواقع ... كما ان ظروف الصحية ومرض أطراف أوتاره العصبية الذى حل به أخيرا من تداعيات إصابات حروب الماضى لا تسمح له سوى ان يلعب الطاولة مع شهوة التى أصبحت صديقة شخصية لزوجته ولعائلته فى الفترة الأخيرة .
و لكن صفوت الكأس حضر لقصره هذه المرة دون موعد سابق و فى عطلة نهاية الأسبوع و فى حضور كافة أفراد أسرة المشير بما فيهم شهوة و حدثه على الملأ كأنه يلقى أوامر عسكرية على المشير بان الرئيس يطلب منه سحب ترشيحه من الانتخابات الرئيسية فورا و ألمح ان الأجهزة الرقابية لديها صور مشينة عن علاقته بشهوة لم تسرب للصحافة بخلاف أشياء أخرى هو فى حل من ذكرها .. و قد نزلت كلمات صفوت الكأس على الحاضرين كالصاعقة فخيم جو من السكون و الدهشة المصحوبة بالغيوم
استدرج المشير صفوت الكأس مستهزأ و غير مكترث وراجيا أن يقول ما لديه
وصفوت اندفع ورمى أمامه باستفزاز و تهديد على المنضدة صور له مع فتيات أشباه عاريات ..
وشعر المشير الذى كان يرتدى جلباب و عباءة و يجلس وسط أحفاده بالإهانة الشديدة التى ما كان يجرؤ صفوت الكأس على التلفظ و الحديث معه بهذا الوقحة الا بضوء أخصر من سيادة الرئيس ذاته ..
وعلى عكس المتوقع تعالى صوت ضحك المشير مجلجلا فى حديقة قصره قبل ان يقول لرسول الرئيس "إذن انتم الذين قمتم بتسريب الصور للصحافة الايطالية... أن صديقى برلسكونى سيكون حزينا عندما يعلم انكم تلعبون لحساب صديقكم شارون"
و بلهجة الثقة و الإصرار و الكرامة قال لصفوت الكأس " قل لسيادة الرئيس "طظ" فبوجه عام الناس لا تصدق ماتقولوه ومن السهل تكذيبه فشهوة تعيش بين أسرتي كأبنة كما ترى الآن و برلسكونى ليس فى مصلحتكم أن يعلم أنكم أداة يستعملها أصدقائه للضغط عليه فلدية كما تعرف وسائله الخلفية للتخلص من القاذورات فى مقبرة نفايات الاسيباجتى على الطريقة الايطالية .. و أرجو أن تكون فتيات برلسكونى قد اعجبتك وإلا تنسى أن وظيفتك الأولى كانت اصطيادهم وانتقائهم و تصويرهن وتوريدهن لسيدك
حاول صفوت الكأس أن يتكلم لكن المشير لم يترك له مجالا و ارتفع صوته بحزم "اسكت لا تفتح فمك الفارغ ...اذهب يا صفوت وانصح ولى نعمتك يا ولد أن يسحب أوارق ترشيحه لان لا أحد يقبل أن يحكمه ممثل وابنه المهرج و انت من خلفهم بعد الآن."
انفجرت الأسرة و شهوة بالضحك و صفقوا للمشير
و هتفت شهوة بالفرنسية : تنتخبوا مين ...؟
ورددت أسرة المشير :أبو حمامة
شهوة : و حببكوا مين ؟
أسرة المشير :أبو حمامة
و رمت شهوة أثناء ذلك رسول الرئيس بالبيض المسلوق و هو يفر هربا من هول خزيه و قد انهارت عجرفته وبارت كرامته...
ولم يتقدم المشير للترشيح قبل الموعد النهائي لتقديم اوارق الترشيح لرئاسة الولاية التى تشمل كل الناخبين في كل الولايات العربية و اتصل بالرئيس مباشرة عقب ذلك وقال له مزاحا "مبروك ياريس الريسة بس و حياة أبوك لما تعوز تقول لى حاجة اتصل بى مباشرة ما تبعتليش الواد صفوت أصل شهوة و العيال بتلقه بالبيض و بيجى الموضوع فوق دماغي ...ما أنا اللى بقعد ألمه ....ما أنت عارف ما انا ماوريش بقى حاجة ؟"
انتهت تمثلية الانتخابات وانتخب بالفعل الرئيس لولاية تاسعة و تفرغ المشير و انزوى لكاتبة مذكراته و هو يعلم انه مازال تحت المراقبة ...و توقف صفوت الكأس عن الحضور لقصره.
وفى غرفة مكتبه بقصر الولاية الرئيسي نظر الرئيس بعمق وشرد بالتفكير فى السماء المطلة من نافذة الغرفة المكيفة عندما علم أن المشير قد شرع فى كتابة مذاكراته وقال لمحدثه أن رجل فى وزن أبو حمامة يجب أن تكون خاتمة حياته أكثر إتقان من السقوط من شرفة فيجب أن تكون نهاية تليق بمقامه و صداقتهما المشتركة وأمر مستشاره صفوت الكأس "أجرى اتصال بصديقنا إسحاق شارون ورتب معه للقاء قريب و توقف قليلا و استكمل حدثيه "هو كان أخر عنوان للقاء شارون أيه ...."
توقف لبرهة ثم أضاف ضحاكا "...خلى عنوانه بحث الدفع الخلفى لعجلة المشروبات الدافئة ....و اتصل برؤساء التحرير و خليهم يضبطوا الجو.. المرة إللى فاتت الرجل زى ما أنت عارف كان زعلان جدا محدش اهتم بيه غير الجماعة بتوع الشتيمة والأخوة القوميون ... كان حاسس أن فيه تجاهل من الجماعة بتوعنا و أنا قلت قبل كده لازم توازن "
وبعد ستة شهور من زيارة إسحاق شارون لقصر رئاسة عاصمة العرب أصيب المشير أبو حمامة فجأة بأعراض مرض عاضل احتار فيه أطباء مدينة العدل و السلام و فور علم السيد الرئيس أمر بسفره مباشرة على نفقة الولايات العربية بطائرة خاصة للعلاج بفرنسا وظل مرض المشير غامض و يزداد غموضا وتعذر فهمه على فريق من الأطباء المتخصصين فى العاصمة باريس حتى اجمعوا على ان أعراض المرض تشير إلى تسمم من الصعب كشفه و طالبت فرنسا من الرئيس الأمريكي التدخل لدى حكومة و لاية إسرائيل لتمرير ترياق السم المداوى بشكل غير رسمي و هو ما قام به رئيس الوزراء التركي عبر وزارة الخارجية الأمريكية الا أن وزارة الخارجية الإسرائيلية نفت صلت بلدها بالموضوع ...و حث الرئيس الفرنسي قرينه المستشار الإلمانى فى الواسطة لإنقاذ الرجل المريض و تبرع رئيس الوزراء الإيطالي بذات الطلب الا ان الحكومة الإسرائيلية أعادت تأكيد النفي و كانت هناك محاولات من ولاية الأردن و اتصالات من الأمين العام للأمم المتحدة عبر دوائر دبلوماسية غير معلنة بل ومن عاصمة الولايات العربية نفسها التى مارست ضغوط على ذات الحكومة الإسرائيلية باءت كلها بنجاح الفشل.

إلى لَيْلِها الْحارِّ

كان المشير يتابع الأخبار على شاشة التليفزيون و هو يضحك رغم ألامه فى غرفة فى مستشفى العاصمة الفرنسية باريس و قد علقت له عديد من المحاليل والتصقت بجسده اذرع كثيرة لأجهزة طبية و كان الشاشة تنقل تقرير إخبارية متلاحقة تتحدث على ظاهرة غريبة و عجيبة حيرت السلطات فى باريس فعكفت على دارسة أسبابها طوال الأسبوع الماضي دون أن تجد حلا لها فقد هاجمت أسراب كثيفة من الحمام المستشفى التى يقيم بها المشير حتى باتت تغطيه بالكامل و أصبح هذا الموضوع عنوان أساسيا فى كل أخبار التليفزيون و صحف العالم ....

نظر المشير إلى شئ يتحرك أسفل سريره فى منتصف الغرفة و إلى الحمام الجالس على شباك حجرته الذى نبهه الى قطة سوداء تصعد إلى سريره و تنام بجوار رجله اليسر ...ففرح المشير و عجب ان يترك الفرنسيون قطط تتجول فى مستشفياتهم كما يحدث فى عالمه العربى ....و ظل يتمم بعبارة واحدة و قد أغلق عيناه
"كل شئ معد لنا سلفا ..فلماذا تطيل التفاوض يا ملك الاحتضار..."
و فجأة عندما فتح عيناه وجد القطة قد اختفت من على سريره دور عليها برأسه المرتكزة على وسادة السرير المعدني المثنى مرتفعا بظهره فلم يستطيع أن يراه فعاد ليردد مقولته مخاطبا نفسه بصوت مسموع مكرر بدون ملل "كل شئ معد لنا سلفا ..فلماذا تطيل التفاوض يا ملك الاحتضار..." و رمش بجفن عينه من الألم الذي يسرى فى جسده فأبصر فو جد شهوة تلبس ثوب اسود باريسيا أنيق و مثير يبرز من أسفله حلمتها المنتصبة دائما كعادتها ويفوح منه عطرها الأخاذ و تجلس بجوار رجله اليسر على السرير فى موقع القطة فظل يحدق فيها و استمر يردد جملته و هى تراقبه .. "كل شئ معد لنا سلفا ..فلماذا تطيل التفاوض يا ملك الاحتضار..."
قاطعته شهوة قائلة "هل تدرك أنى الشيطان "
ابتسم المشير و استمر يردد مقولته بصوت خافت
"كل شئ معد لنا سلفا ..فلماذا تطيل التفاوض يا ملك الاحتضار..."
قاطعته شهوة ثانية "هل لا تخاف مقابلة الشيطان "
نظر المشير إلى الحمام الواقف على النافذة ثم عاد ينظر لها قائلا "كل شئ معد لنا سلفا ..فلماذا تطيل التفاوض على معاهدة الصلح أيها الشيطان ... "
قالت شهوة "أذن أنت لا تخاف الموت أيضا؟"
ضحك المشير فاهتزت الخراطيم مع المقياس الالكترونية على الشاشة المرتبطة بجسده الذى صار نحيفا ونحيلا ضعيفا وقال" لم أخاف الموت طيلة حياتي لأني أعلم أن أحد لا يموت فى الحقيقة ..."
علقت شهوة"لكنك فى طريقك إلى الموت أيها المشير"
نظر المشير إلى الحمام مرة أخرى على نافذة الغرفة و تنهد "لا أبالى بالشيطان كثيرا فقد كان على مقربة من الله و اقسم بعزته و جلاله أن يشن حربا يعلم انه سيربحها ضد اغلب البشر ويخسرها بكامل أمام الله ... إبليس أيها الشيطان العابث لقد اخترت مصيرك وأدركت مأوك .. واليوم وأنا فى انتظار الموت يفصلني نحو حياة أخرى لأجد لى مفرا سوى أن أتوسل من الله أن يرحمني على خطايا و يرحم أمي و أبى و إسلافي "
تنفس المشير و عاد لينظر إلى شهوة قائلا :" عجيبا أنت أيها الشيطان كما أنت أبله ...لماذا لتغير إستراتيجيتك وتحاول الالتفاف حول مصيرك المحدد سلفا منذ البداية لا يمكنك أن تكون فى فخ كبرياءك قد نسيت نفسك كل هذه السنون و حتى النهاية لقد كنت مخلوق من نار ومن كثرة حبك لله رفعك إلى مرتبة الملائكة المخلوقين من نور و لكنك عصيت ولم تسجد لأدم و وبذريعتك جاءنا هنا جميعا ....الا يبدو عليك يوما إمارات الذكاء فتقلب المائدة على الالهه و تستسلم و تعلن أن خطتك التى استدرجت لها فاشلة وتطلب صك العفو ألهى عسى أن يرحمك ربك ....."
مط المشير شفافية الجافة الملتصقة ورفع يده اليمنى مشيرا بإصبع السبابة نحو شهوة و هو ينظر لها و قد أغمض عينه اليسر و هز رأسه إلى يمنيا و يسارا قائلا:
"و لكنك لن تفعل ...فقد عشقت لعبتك المفضلة و تمرست على لذة عرش ديكتاتورية الغواية... فكل شئ معد لنا سلفا ....نعم صدقت يا أبى كل شئ معد لنا سلفا؟"
عاد المشير ينظر إلى سقف الغرفة و قد سقطت يده بإصبعه على سريره و شرد ذهنه و طلب شهوة من أن تفتح نافذة الغرفة فاندفع الحمام واقتحم الغرفة و ملأها و مكث حول سريره و هبط يداعب المشير الذى ظل يتمتم كأنه يخاطب نفسه فى منولوج حوار طويل ..
"أبى ..أبى كان راعيا لا يأكل اى طير من طيور السماء وكان يربى مثل أبوه الحمام الذي لا يأكله و لا يسمح لا أحد أن يأكله فى بيته سواء من أهله أو من ضيوفه ....
ومنذ طفولتي حتى أصبحت وزيرا كلما زرت المسجد للصلاة خفت من الهلع أن أحدا يسرقا حذائي من على أعتاب الجامع فقد كان أبى يظن أي حذاء لا ينبغي أن يدنس حرمة الجامع الذي كان يزوره خمس مرات يوميا فيشق صفوف المصلين المنتظرين إقامة الصلاة إذا ذهب متأخرا فلا يرضى أن يصلى الا فى الصف الأول وراء ظل الشيخ عبد الحميد عرنسه إمام الجامع الذى ظل مفتون بصوته الزاهد فى إقامة الصلاة و قد ترك حذائه على بوابة جامع المظلوم الكبير بحوار الحذاء المتهرئ لشيخه و عندما يفرغ من صلاته غالبا مالا يجد هذا الحذاء ..وكانت أمي تعنفه من كثرة عودته للمنزل حافي القدمين وعندما كان يصحبنى للصلاة يأمرني أن اخلع الحذاء خارج عاتبات الجامع فأصاب بذعر وأظل التفت أراقب حذائي من على بعد من داخل المسجد خوفا من عتاب أمى إذا سرق وأبى ينهرني أن أفكر فى ملقاة ربى لا فى ضياع حذائي و فى النهاية كنت أعود معه الى امى غالبا حافيين و قد سرق حذائنا فتصب لعناتها على السارقين الذين أضاعوا رزقنا على شراء الأحذية الضائعة فى أرجلهم ...و كان أبى يضحك معلقا أنها ضاعت فلا احد يسرق أحذية المصلين فى بلاد المسلمين ... وكنت أكثر أقراني سعادة فقد كان حذائي أنيقا و لا معا و جديدا دائما ...و لكن أمي حرمتني من هذه المتعة فعندما شعرت أن أبى سيوزع أحذيته على لصوص بغداد ...أرسلت أختي الصغيرة خلفنا من ورائه لتراقب و تحمى أحذيتنا على أعتاب الجامع ...و لكن خطتها فجرت مأساة مفجعة منعت أبى الذهاب الجامع أو الصلاة فيه حتى موته و أصيب قلبي أمي ألما و حزنا وهما و مرضا و حزن ووهنت و من رحمة ربها عليها خارت ذاكرتها فأصبحت تنسى أسماءنا عندما عدت مع أبى ذات يوم من الجامع الكبير كعادتنا حافيين ولم تعود أختي الصغيرة إلى بيت أمها حتى الآن ....."
حاولت شهوة أن تبعد يمامة صغيرة طارت لتقف على بقايا شعر المشير الذى ابتسم و لوح لها أن تتركها ...و لكنه لاحظ أن يد منقبضة خيل انه رأها من قبل بسطت فوق رأسه فانهمرت عليها حبوبا وانسكب بعضا منها على صدره و سريره و جسده ....نظر المشير إلى صاحب اليد مستطلعا فإذ بها لأبوه حافيا ينظر إلى الحمام الذى يذهب و يجئ طائرا فى الغرفة وخلف النافذة ليلقى نظرة عابرة عليهم وكان بصحبته شيخه المفضل صاحب الصوت الزاهد عبد الحميد عرنسه حافيا أيضا مع أخت المشير المفقودة مبتسمة بطفولتها الضائعة وتمد بيدها يمامة تمسكها إلى المشير الذى عاد محاورا يمامة أخته الواقفة تأكل من حبوب أبيه المتناثرة على صدره ..
"أبى ..أبى ...أبى عاش على مدى عمره غاضبا لأنى سرقت ماعزه و بعض من خرفانه وكان لايملك سواها و بعتها من وراء ظهره وقبضت ثمنها لأذهب إلى القتال فى فلسطين عام 48 و كلما رأنى ظل يناديني بلص بغداد إمام الجميع و لم يصدق أن جمال عبد الناصر كان معلمي فى الكلية الحربية و استغرب أن يكون معلما للص ماعز يتجرأ على سرقة حمامه ليأكلها أو يبيعها لصوص على شكليتي ...
و عندما انتصارنا عام 56 ذبح أضحية ووزعها على الفقراء و رقص الدبكة الفلسطينية و غنى و شرب عرق البلح العراقى و هو يقول أن ابنه اللص الذى تجرأ ذات يوم واكل حمامه وسرق ماعزه هو ورفقائه رفعوا راية الأمة .....
وعندما هزمنا عام 67 عاد و عاد إلى اتهمي بسرقتها ماعزه مع حمامه ويطلبني بثمنها و قد أصبح نصف مجنونا و أضاف شاكيا لكل من تقع عينه أن رفقاء ابنه اللص الأغبياء أضاعوا وطنه فلسطين....و عندما مات جمال عبد الناصر جن جنونه و فقد صوابه تماما وكان يجلس على سقف سطح البيت بجوار حمامه قائلا مات الحلم و ترك لنا إبني اللص....فلما انتصارنا عام 73 عدت له بأوسمة و قلادة النصر التى لم تشفع لى فنهرني وقال و الحمام يتمشى على كتفه و بين يديه و يقف على أرجله "كيف يتركون الأبطال الحقيقيين ويعطون للص أوسمة عسكرية أنهم مزيفون مثلك ...ابعدوا عنى هذا اللص " ....و طردني من سطح منزله و كانت أمى تواسني دائما و تقول لا تصغي لجنونه ....و عندما سمع أن السادات يريد زيارة إسرائيل ..
إستدعاني على ذات السطح أمام برج الحمام و قال لى انه مستعد أن يعطيني كل ماعزه و خرافاته و كل ما يملكه من حمام و لا يتذكر بعد اليوم كوني يوما ما سرقته مقابل أن يكتفوا بسرقة أرضه و لا يغتالوا أحلامه ..."
بدأت دموع المشير تتساقط و اقتربت منه شهوة لتجففها وتدعوه أن يرفق بنفسه وهى ترتب على صدره و لكنه استمر فى الحديث "ماتت أمى فى اجتياح بيروت حزنا عندما فقدت هناك أختى و حفيدها و زوجها ابن أختها فى مخيم صبرا و شاتيلا ....و قبل ان يموت أبى قال لى فى سريريه تحت مظلته المفتوحة على سطح منزله انه حرمني من الإرث فيه لأنى سرقة ماعزه بدون طائل و أضعت فلسطين و طلب أن أنفذ وصايته بان أطلق الحمام الذى كان يربيه و أبيع منزله و مدخراته و أعطيها لشاعره المفضل محمود درويش مكأفاة منه على أشعاره التى كان يلمس فيه روح الارض ورائحة الزيتون و بهجة البرتقال و مذاق الكنافة النابلسية الساخنة التى كانت تصنعها أمه قبل أن يقتلها عصابة اشتيرن وأرجون الصهوينة بعد إغتصابها هى و أخته أمام أبيه الذى لحق بهما بعد انتهاء حفلة الغزاة و قد قطعوا أطرافه و تركوه ينزف حتى يموت وهو يحاول أن يشتت أعينهم عن إبنه المختفي وراء قفص الحمام فى صحن بيتهم الريفي فى القرية التى هودها الصهاينة بعد أن ذبحوا اغلب أهلها فى البدايات الأولى لطوفان محرقة الإرهاب...
رأى أبى إن شاعره يستطيع أن يستأمنه على صرف أمواله بشكل صحيح من أن يرثه ابنه لص الماعز ...و تعهدت أمامه بما فعلته طوال سنين عمري فلم أكل اى طير من طيور السماء منذ سرقتي الأولى و أن كان لم يصدقني طيلة عمره....
..كل شئ معد لنا سلفا ..فلماذا لا تطيل التفاوض على معاهدة الصلح يا ملك الاحتضار .."
نام المشير و عاد مستيقظا على صوت حرارة القادمة من المكيف الغرفة و المخلوطة بأصوات صادرة من التلفاز و حوله الحمام نائما وقد عادت القطة سوداء نائمة على كتفه فأكمل حدثيه نحوها
"فى باريس قابلت مصطفى درويش الذى لم يشاهد أبى طوال حياته و رجوته أن يقبل ميراث أبى كما أوصاني و أعطيته ورقة كتبها لشاعره المفضل كانت مكونة من سطر غامض لم افهم شفرة رموزها وعندما قرائها محمود درويش سألته ماذا يعنى ما سطره أبى فى ورقته البالية أدمعت عينيه "قائلا لا تهتم .." وخلع نظارته بعد أن فاض دمعه منهمرا وإحتضاننى كأنه أبى الذى لم يحضنني قطا بعد سرقتي لماعزه ...وإجهدنى شاعر أبى المفضل لإقناعه بقبول تنفيذ تركة أبى ووصايته و قد خلف له الله رزقا وثروة من أموال وفيرة .
و بعد سنوات تلقيت دعوة بالإقامة مع تذكرة إلى أشبليه لحضور أمسية شاعرية ووجهها لى شاعر أبى و أكد على حضوري و على صوت العود المصاحب وقف محمود درويش يلقى قصيدته "أحد عشر كوكبا على أخر المشهد الأندلسي " فى مسرحا مفتوحا فى قلعة عربية أثرية تجمعت حولها عدد هائل من حمامات و اليمامات البيضاء.... لم أكن أحب قراءة الشعر طيلة عمري لكنى أدركت كم أنا جاهلا وأبى كان محقا فى كوني مجرد لص ماعز وحمام عندما سمعت درويش يهز الزمان والمكان و أعماقي فيما أتذكره قائلا ...

في المساءِ الأخير ِ على هذهِ الأرْض نَقطَعُ أَيّامَناعَنْ شُجيّراتِنا ، ونَعُدُّ الضُلوعَ الَّتي سَوفَ نَحمِلُها مَعَناوالضُلوعَ الَّتي سَوْفَ نَتْرُكُها هَهُنا ... في المَساءِ الأخيرْلا نُودِّعُ شَيئا ، ولا نَجِدُ الوَقتَ كَيْ نَنْتهي ...كُلُّ شيءٍ يَظَلُ على حَالِهِ ، فَالمَكانُ يُبَدِّلُ أَحلامَناويُبَدِّلُ زوّارَهُ . فَجأةً لَمْ نَعُدْ قادرينَ على السُخريَةفَالمَكَانُ مُعَدٌ لِكَيْ يَستَضيفَ الهَباء ..
هُنا في الْمَسَاء الأَخيرْنَتَمَلى الْجِبالَ المُحيطَةَ بالْغَيْم : فَتْحٌ .. وَفَتْحٌ مُضادّ
وَزَمانٌ قَديمٌ يُسَلِمُ هذا الزَمَانَ الجَديدَ مَفاتيحَ أَبوابنافادْخلوا ، أَيُّها الْفاتِحونَ ، مَنازِلَنا واشربوا خَمرَنامِنْ مُوشَّحنا السَّهل . فاللّيْلُ نَحنُ إذا انتَصَفَ اللّيْلُ ،
لافَجْرَ يَحْمِلُهُ فارسٌ قَادِمٌ مِنْ نَواحي الأَذان الأَخيرْ ..شايُنا أَخْضَرٌ سَاخِنٌ فاشْرَبوه ، وَفُستُقُنا طَازجٌ فَكُلوهوالأَسِرَّةُ خَضْراءُ مِنْ خَشَبِ الأَرْزِ ، فَاسْتَسلِموا لِلنُعاسْبَعْدَ هذا الْحِصارِ الطَّويلِ ، وَنَاموا على ريشِ أحْلامِناالمُلاءاتُ جاهِزَةٌ ،
وَالعُطورُ على الْبابِ جاهِزةٌ ،
وَالمرايا كَثيرةفَادخُلوها لِنَخْرُجَ مِنْها تََماما ،
وعَمَّا قَليلٍ
سَنَبْحَثُ عَمّا كانَ تاريخَنا حَوْلَ تاريخِكُمْ في الْبلاد الْبَعيدَةوَسَنسْأَلُ أَنْفُسَنا فِي النِّهايَة
هَلْ كَانَتِ الأَندلس
هَهُنا أَمْ هُنَاكَ ؟ عَلى الأَرضِ ... أَمْ في الْقَصيدَة ؟

كَيْفَ أَكْتُبُ فَوْقَ السَّحابِ وَصِيَّةَ أَهْلي؟
وَأَهْلييَتْرُكونَ الزَّمانَ كَما يَتْرُكونَ مَعاطِفَهُمْ في الْبُيوتِ ,
وَأَهْلي كُلَّما شَيَّدوا قَلْعَةً
هَدَموها لِكَيْ يَرْفَعوا فَوْقَهاخَيْمَةً لِلْحَنينِ إِلى أَوَّلِ النَّخْل .
أَهْلي يَخُونونَ أَهْليفي حُروبِ الدِّفاعِ عَنِ الْمِلْح
...لكِنَّ غَرْناطَةً مِنْ ذَهَبمِنْ حَريرِ الْكَلامِ الْمُطَرَّزِ بِاللَّوْزِ,
مِنْ فِضَّةِ الدَّمْعِ في وَتَرِ الْعود.
غَرْناطَةٌ لِلصُّعودِ الْكَبيرِ إلى ذاتِها...وَلَها أَنْ تَكونَ كَما تَبْتَغي أَنْ تَكونَ
الْحَنينَ إلى أَيِّ شَيْءٍ مَضى أَوْ سَيَمْضي
يَحُكُّ جَناحُ سُنونوَّةٍ نَهْدَ امْرأَةٍ في السَّريرِ,
فَتَصْرُخُ غَرْناطَةٌ جَسَديوَيُضَيِّعُ شَخْصٌ غَزالَتَهُ في الْبَراري,
فَيَصْرُخُ؛
غَرناطَةٌ بَلَديوَأَنا مِنْ هُناكَ,
فَغَنّي لِتَبْنيَ الْحَساسينُ مِنْ أَضْلُعيدَرَجاً لِلسَّماءِ الْقَريبَةِ.
غَنّي فُروسِيَّةَ الصّاعِدينَ إلى حَتْفِهِمْ
قَمَراً قَمَراً في زُقاقِ الْعشيقَةِ.
غَنّي طُيورَ الْحَديقَةحَجَراً حَجَراً.
كَمْ أُحِبُّكِ أَنْتِ التَّي قَطَّعْتِنيوَتَراً وَتَراً في الطَّريقِ إلى لَيْلِها الْحارِّ
, غَنّي لا صَباحَ لِرائِحةِ الْبُنِّ بَعْدَكِ,
غَنّي رَحيلي عَنْ هَديلِ الْيَمامِ على رُكْبَتَيْكِ
وَعَنْ عُشِّ روحيفِي حُروفِ اسْمِكِ السَّهْلِ
غَرْناطَةٌ لِلْغِناءِ فَغَنّي
لِيَ خَلْفَ السَّماءِ سَماءٌ لأَرْجِعَ ،
لكنَّني لَا أَزالُ أُلَّمعُ مَعْدَنَ هذا الْمَكان ،
وَأَحْيا ساعَةً تُبصِرُ الْغَيْبَ .
وأَعرِفُ أنَّ الزَّمانْلا يُحالِفُني مَرَّتَيْن ،
وَأَعرِفُ أَنّي سأَخرُجُ مِنْرايَتي طائِراً لا يَحِطُّ على شَجَرٍ فِي الْحَديقَةْسَوفَ يَهْبطُ بَعْضَ الْكَلام عَنِ الحُبِّ فيشِعْرِ لوركا الّذي سَوفَ يَسْكُنُ غُرفَةَ نَوْميوَيَرى ما رَأيتُ مِنَ الْقَمَرِ الْبَدَويِّ .
سَأَخْرُجُ مِنْ شَجَرِ اللَّوْزِ قُطناً على زَبَدِ البحر.
مَرَّ الغَريبْ حَامِلاً سَبْعَمائَةِ عامٍ مِنَ الْخَيْلِ .
مَرَّ الْغَريبْ ههُنا ،
كيْ يَمْرَّ الْغَريبُ هناك .
سَأخرُجُ بَعْدَ قَليلمِنْ تَجاعيدِ وَقتي غَريباً عَنِ الشَّامِ وَ الأَنْدَلُسْهذهِ الأَرضُ لَيْستْ سَمائي ،
ولَكِنَّ هذا الْمَساءُ مَسائيوَ المفاتيحَ لي ،
وَ الْمآذِنَ لي ،
وَ الْمصَابيحَ لي ،
وأَنا لِيَ أيْضاً .
َأَنا آدَمُ الْجَنَّتَيْنِ ،
فَقدتُهُما مَرَّتَينْفَاطرُدوني على مَهَلٍ ، وَ اقْتُلوني على مَهَلٍ ، تَحْتَ زَيْتونَتي ،مَعَ لوركَا ..
...وأَنا واحِدٌ مِنْ مُلوكِ النِّهايَة...
أَقْفِزُ عَنْ فَرَسي في الشِّتاءِ الأَخيرِ
, أَنا زَفْرَةُ الْعَرَبيِّ الأَخيرَةْلاَ أُطِلُّ على الآسِ فَوْقَ سُطوحِ الْبُيوتِ,
ولا أَتَطلَّعُ حَوْلي
لِئَلا يَراني هُنا أَحَدٌ كانَ يَعْرِفُنيكانَ يَعْرِفُ أَنّي صَقَلْتُ رُخامَ الْكَلامِ
لِتَعْبُرَ امْرأَتي بُقَعَ الضَّوْءِ حافِيَةً,
لا أُطِلُّ على اللَّيْلِ كَيْلا أَرى قَمَراً
كانَ يُشْعِلُ أسْرارَ غَرْناطَةٍ كُلَّها جَسَداً جَسَداً.
لا أُطِلُّ على الظِّلِ كَيْ لا أَرى أَحَداً يَحْمِلُ اسْمي وَيَرْكُضُ خَلْفي
خُذِ اسْمَكَ عَنّيوَاعْطِني فِضَّةَ الْحَوْرِ.
لا أَتلَفَّتُ خَلْفي لِئلاأَتَذَكَّرَ أَنّي مَرَرْتُ على الأَرْضِ,
لا أَرْضَ في هذهِ الأَرْضِ
مُنْذُ تَكَسَّرَ حَوْلي الزَّمانُ شَظايا شَظايالَمْ أَكُنْ عَاشِقاً كَيْ أُصَدِّقَ أَنَّ الْمِياهَ مَرايا,مِثْلَما قُلْتُ لِلأَصْدِقاءِ الْقُدامى,
ولا حُبَّ يَشْفَعُ ليمُنذْ قَبِلْتُ ((مُعاهَدَةَ الصُّلْحِ))
لَمْ يَبْقَ لي حاضِرٌكَيْ أَمُرَّ غَداً قُرْبَ أَمْسي.
سَتَرْفَعُ قَشْتالَةُتاجَها فَوْقَ مِئْذَنَةِ اللهِ.
أَسْمَعُ خَشْخَشَةً لِلْمَفاتيحِ في بابِ تاريخنا الذَّهَبيِّ
, وَداعاً لتِاريخنا
, هَلْ أَنامَنْ سَيُغْلِقُ باب السَّماءِ الأخيرَ؟
أَنا زَفْرَةُ الْعَرَبيِّ الأَخيرَةْ
ذاتَ يَوْمٍ سأجْلِسُ فَوْقَ الرَّصيفِ ... رّصيفِ الْغَريبَةلَمْ أَكُنْ نَرْجِساً ، بَيْدَ أَنّي أُدافِعُ عَنْ صُورَتيفي الْمَرايا. أَما كُنْتَ يَوْماً ، هُنا ، يا غَريبْ ؟خَمْسُمائَةِ عامٍ مَضى وَانْقَضى ،
وَالْقَطيعَةُ لَمْ تَكْتَمِلْ بَيْنَنا ،
هاهُنا ،
والرَّسائِلُ لَمْ تَنْقَطِعْ بَيْنَنا ،
وَالْحُروبْلَمْ تُغَيِّرْ حَدائِقَ غَرْناطَتي .
ذاتَ يَوْمٍ أَمُرُّ بِأَقْمارِهاوَأَحُكُّ بِلَيْمونةٍ رَغْبَتي ...
عانِقيني لأُولَدَ ثانِيَةًمِنْ رَوائِحِ شَمْسٍ وَنَهْرٍ على كَتِفَيْكِ ،
وَمِنْ قَدَمَيْنْتَخْمُشانِ الْمَساءَ فَيَبْكي حَليباً لِلَيْلِ الْقَصيدَةْ ..لَمْ أَكُنْ عَابِراً في كَلامِ المُغَنّين ...
كُنْتُ كَلامَ المُغَنّينَ ،
صُلْحَ أَثينا وَفارِسَ ،
شَرْقاً يُعانِقُ غَرْباًفي الرَّحيلِ إلى جَوْهَرٍ واحِدٍ .
عانِقيني لأُولَدَ ثانِيةًمِنْ سُيوفٍ دِمَشْقِيَّةِ في الدَّكاكينِ .
لَمْ يَبْقَ منّي غَيْرُ دِرْعي الْقَديمَةِ ،
سَرْجِ حِصاني الْمُذَهَّبِ .
لَمْ يَبْقَ مِنّي غَيْرُ مَخْطوطةٍ لاِبْنِ رُشْدٍ ،
وَطَوْقِ الْحَمامَةِ ،
والتَّرْجَمات ...كُنْتُ أَجْلِسُ فَوْقَ الرَّصيفِ على ساحَةِ الأُقْحُوانَةوأَعُدُّ الْحَماماتِ
واحِدةً، اثْنَتَيْنِ، ثَلاثينَ ...
وأَعُدُّ َالْفَتَياتِ اللَّواتي يَتَخاطفْنَ ظِلَّ الشُّجَيْراتِ فَوْقَ الرُّخامِ ،
وَيَتْرُكْنَ لي وَرَقَ الْعُمْرِ ، أَصْفَرَ .
مَرَّ الْخَريف عليَّ وَلَمْ أَنْتَبِهْمَرَّ كُلُّ الْخَريفِ ،
وَتاريخُنُا مَرَّ فَوْقَ الرَّصيفِ ...وَلَمْ أَنْتَبِهْ !
لِلْحَقيقَةِ وَجْهانِ وَالثَّلْجُ أَسْوَدُ فَوْقَ مَدينَتِنالَمْ نَعُدْ قادِرينَ على الْيَأْسِ أَكْثَرَ مِمّا يَئِسْنا,
وَالنِّهايَةُ تَمْشي إلىالسّورِ واثِقَةً مِنْ خُطاهافَوْقَ الْبَلاطِ الْمُبَلَّلِ بِالدِّمْعِ
, واثِقَةً مِنْ خُطاهامَنْ سَيُنْزِلُ أَعْلامَنا
نَحْنُ, أَمْ هُمْ ؟
وَمَنْ سَوْفَ يَتْلو عَلَيْنا((مُعاهَدَةَ الصُّلْحِ)), يا مَلِكَ الاحْتِضار؟كُلُّ شَيْءٍ مُعَدٌّ لَنا سَلَفًا
, مَنْ سَيَنْزِعُ أَسْماءَنا عَنْ هُوِيَّتِنا: أَنْتَ أَمْ هُمْ؟
وَمَنْ سَوْفَ يَزْرَعُ فينا خُطْبَةَ التّيهِ
لَمْ نَسْتَطِعْ أَنْ نَفُكَّ الْحِصارفَلْنُسَلِّمْ مَفاتيحَ فِرْدَوْسِنا لِوَزيرِ السَّلامِ وَنَنْجو... لِلْحَقيقَةِ وَجْهانِ
, كانَ الشِّعارُ الْمُقَدَّسُ سَيْفاً لَنا وَعَلَيْنا
, فَماذا فَعَلْتَ بقَلعَتِنا قَبْلَ هذا النَّهار؟لَمْ تُقاتِلْ لأَنَّكَ تَخْشى الشَّهادَةَ
, لكِن عَرْشَكَ نَعْشُكْفاحْمِلِ النَّعْشَ كَيْ تَحْفَظَ الْعَرْشَ
, يا مَلِكَ الاْنتِظارإِنَّ هذا الرحيل سَيَتْرُكُنا حُفْنَةً مِنْ غُبار...مَنْ سَيَدْفِنُ أَيّامَنا بَعْدَنا: أَنْتَ...أَمْ هُمْ؟
وَمَنْ سَوْفَ يَرْفَعُ راياتِهِمْ فَوْقَ أَسْوارِنا
أَنْتَ ...أَمْ فارِسٌ يائِسٌ؟
مَنْ يُعَلِّقُ أَجْراسَهُمْ فَوْقَ رِحْلَتِناأَنْتَ...أَمْ حارِسٌ بائِسٌ؟
كُلُّ شَيّءٍ مُعَدٌّ لَنافَلِماذا تُطيلُ التَّفاوُضَ, يا مَلِكَ الانتظار؟
بَعْدَ لَيْلِ الْغَريبَة ؟مَن أَنا بَعدَ ليلِ الغَريبةِ ؟أَنهَضُ مِنْ حُلُميخَائِفاً مِنْ غُموضِ النَّهار عَلى مَرْمَرِ الدّارِ ،
مِنْ عَتْمَةِ الشَّمسِ في الْوَرْدِ ،
مِنْ مَاءِ نَافورَتيِخَائِفاً مِنْ حَليبٍ عَلى شَفَةِ الْتّين ،
مِنْ لُغَتي خَائِفاً ،
مِنْ هَواءٍ يُمَشِّطُُ صَفْصَافَةً خَائِفاً ،
خَائِفاً مِنْ وُضوحِ الْزَّمانِ الكَثيفِ ،
وَمِنْ حَاضِرٍ لَمْ يَعُدْ حَاضِراً ،
خَائِفاً مِنْ مُروري على عَالمٍ لَمْ يَعًُدْ عَالمي .
أَيُّها اليَأس كُنْ رَحْمَةً .
أَيُّها الْمَوْتُ كُنْ نِعمَةً للغَريبِ الَّذي يُبصِرُ الْغَيْبَ
أَوضَحَ مِنْ وَاقِعٍ لَمْ يَعُدْ واقِعاً .
سَوْفَ أَسقُطُ مِنْ نَجمَةٍفِي السَّماءِ إلى خَيْمَةٍ فِي الطَّريقِ ... إلى أَيْن ؟أَيْنَ الطَّريقُ إلى أيِّ شيءٍ ؟
أرى الْغَيْبَ أَوضَحَ مِنْ شارعٍ لَمْ يَعُدْ شارِعي .
مَنْ أَنا بَعْدَ لَيْلِ الْغَريبَةْ ؟كُنتُ أَمْشي إلى الذّات في الآخَرينَ ،
وَها أَنَذا أَخسَرُ الذّاتَ والآخَرينَ .
حِصَاني على سَاحِلِ الأَطلَسيَّ اخْتَفىوَحِصاني على ساحِلِ المُتَوَسِّطِ يُغْمِدُ رُمْحَ الصَّليبيِّ فيّمَنْ أَنا بَعْدَ لَيْلِ الْغَريبَةِ .
لا أَستَطيعُ الرُّجوعَ إلى إخوَتي قُرْبَ نَخْلَةِ بَيْتي القَديم ،
ولا أَستَطيعُ النُّزولَ إلىقَاع هاويَتي
أَيُّها الْغَيْبُ !
لا قَلْبَ لِلْحُبِّ ...
لا قَلْبَ لِلْحُبِّ أَسْكُنُهُ بَعْدَ لَيْلِ الْغَريبَة ...
كُنْ لِجيتارَتي وَتَراً أَيُّها الْماءُ؛
قَدْ وَصَلَ الْفاتِحونوَمَضى الْفاتِحون الْقُدامى.
مِنَ الصَّعْبِ أَنْ أَتَذَكَّرَ وَجْهيفي الْمَرايا...
فَكُنْ أَنْتَ ذاكِرَتي كَيْ أَرى مافَقَدْت...
مَنْ أَنا بَعْدَ هذا الرَّحيلِ الْجَماعِيَّ؟
لي صَخْرَةٌ تَحْمِلُ اسْمِيَ فَوْقَ هِضابٍ
تُطِلُّ على ما مَضى وانْقَضى...
سَبْعُمائَةِ عامٍ تُشَيِّعُني خَلْفَ سُورِ المَدينَة...عَبَثاً يَسْتَديرُ الزَّمانُ لأُنقِذَ ماضِيَّ مِنْ بُرْهَةٍتَلِدُ الآنَ تاريخَ مَنْفايَ فِيَّ... وَفي الآخَرين...كُنْ لِجيتارَتي وَتَراً أَيُّها الْماءُ, قَدْ وَصَلَ الْفاتِحونوَمَضى الْفاتِحونَ القُدامى جَنوباً شُعوباً تُرَمِّمُ أَيّامَهافي رُكامِ التَّحَوُّلِ
أَعْرِفُ مَنْ كُنْتُ أَمْس,
فَماذا أَكُونْ في غَدٍ تَحْتَ رَاياتِ كولومبسَ الأَطْلَسِيَّةِ؟
كُنْ وَتَراً كُنْ لِجيتارَتي وَتَراً أَيُّها الْمَاءُ
لامِصْرَ في مِصْرَ,
لافاسَ في فاسَ,
وَالشّامُ تَنْأَى.
لا صَقْرَ في رايَةِ الأَهْلِ,
لانَهْرَ شَرْقَ النَّخيلِ الْمُحاصَرْبِخُيولِ الْمَغولِ السَّريعَةِ.
في أيِّ أَنْدَلُسٍ أَنْتَهي؟
هاهُناأمْ هُناكَ؟
سأَعْرِف أَنّي هَلَكْتُ وأَنّي تَركْتُ هُناخَيْرَ مافِيَّ ماضِيَّ.
لَمْ يَبْقَ لي غَيْرُ جيتارتيكُنْ لِجيتارَتي وَتراً أَيُّها الْماءُ.
قَدْ ذَهَبَ الْفاتِحون وَأَتى الْفاتِحون...
في الرَّحيلِ الْكَبيرِ أَحِبُّكِ أَكْثَر ،
عَمّا قَليْلْ تُقْفِلينِ المَدينَةَ .
لا قَلْبَ لي في يَديكِ ،
وَلا دَرْبَ يَحمِلُني ،
في الرَّحيلِ الْكَبيرِ أُحِبُّكِ أَكْثَرْلا حَليبَ لِرُمّانِ شُرفَتِنا بَعْدَ صَدْرِكِ .
خَفَّ النَّخيلْ خَفَّ وَزنُ التِّلال ،
وَخَفَّتْ شَوارِعُنا في الأَصيلْخَفَّتِ الأرضُ إذْ وَدعَتْ أَرضَها .
خَفَّتِ الْكَلِمات والْحِكَاياتُ خَفَّت على دَرَجِ اللَّيل .
لَكِنَّ قَلْبي ثَقيلْ فَاترُكيهِ هُنا حَولَ بَيْتكِ يَعوي
وَيَبكي الزَّمانَ الْجَميلْ ،لَيْسَ لي وَطَنٌ غَيْرَهُ ،
في الرَّحيل أُحِبُّكِ أَكْثَرْأُفْرِغُ الرّوح مِنْ آخِر الْكَلِمات أُحِبُّكِ أَكْثَرفي الرَّحيلِ تَقودُ الْفَراشاتُ أَرواحَنا ،
في الرَّحيلْ نَتَذَكَرُ زِرَّ الْقَميصِ الّذي ضاعَ مِنّا ،
وَنَنْسى تاجَ أَيامِنا ،
نَتَذَكَرُ رائِحَةَ الْعَرَقِ الْمِشمِشيِّ ،
وَنَنْسى رَقصَةَ الْخَيْلِ في لَيْلِ أَعْراسِنا ،
في الرَّحيلْ نَتَساوى مَعَ الطَّيْر ،
نَرْحَمُ أَيامَنا ،
نَكتَفي بِالْقَليلْأَكتَفي مِنْكِ بالْخَنْجَرِ الذَّهبيِّ
يُرَقِصُ قَلْبي الْقَتيلْفاقْتُليني ،
على مَهَلٍ كَيْ أَقولَ : أَحِبُّكِ أَكْثَرَ مِمّا قُلْتُ قَبْلَ الرَّحيلِ الْكَبير .
أُحِبُّكِ . لا شَيءَ يوجِعُنيلا الْهَواءُ ، وَلا الْماءُ ...
لا حَبَقٌ فِي صَباحِكِ ،
وَلازَنْبَقٌ في مَسائِكِ يوجِعُني
لاشئ يوجعنى بَعْدَ هذا الرَّحيلْ ...
لا أُريدُ مِنَ الْحُبِّ غَيْرَ الْبِدايَةِ,
يَرْفو الْحَمامفَوْقَ ساحاتِ غَرْناطَتي ثَوْبَ هذا النَّهارفي الْجِرارِ كَثيرٌ مِنَ الْخَمْرِ لِلْعيدِ مِنْ بَعْدِنافي الأَغاني نَوافِذُ تَكْفي وَتَكْفي لِيَنْفَجِرَ الْجُلَّنارأَتْرُكُ الْفُلَّ في الْمَزهَرِيَّةِ
, أَتْرُكُ قَلْبي الصَّغيرفي خِزانَةِ أُمِّيَ,
أَتْرُكُ حُلْمِيَ في الْماءِ يَضْحَكأَتْرُكُ الْفَجْرَ في عَسَلِ التّين
, أَتْرُكُ يَوْمي وأَمْسيفي الْمَمَرِّ إلى ساحَةِ الْبُرْتُقالَةِ حَيْثُ يَطيرُ الْحَمامهَلْ أَنا مَنْ نَزَلْتُ إلى قَدَمَيْكِ, لِيَعْلُوَ الْكَلامقَمَراً في حَليبِ لَياليكِ أَبْيَضَ... دُقّي الْهَواءكَيْ أَرى شارِعَ النّايِ أَزْرَقَ... دُقِّي الْمَساءكَيْ أَرى كَيْفَ يَمْرَضُ بَيْني وَبَيْنَكِ هذا الرُّخام.الْشَّبابيكُ خالِيَةٌ مِنْ بَساتينِ شالِكِ.
في زَمَنٍ آخَرٍ كُنْتُ أَعْرِفُ عَنْكِ الْكَثيرَ,
وَ أَقْطُفُ غاردينيامِنْ أَصابِعِكِ الْعَشْرِ.
في زَمَنٍ آخَرٍ كانَ لي لُؤْلُؤٌحَوْلَ جِيدكِ,
وَاسْمٌ على خاتَمٍ شَعَّ مِنْهُ الظَّلاملا أُريدُ مِنَ الْحُّبِ غَيْرَ الْبِدايَةِ,
طارَ الْحَمام فَوْقَ سَقْفِ السَّماءِ الأَخيرةِ,
طارَ الْحَمامُ وَطارسَوْفَ يَبْقى كَثيرٌ مِنَ الْخَمْرِ.
مِنْ بَعْدِنا, في الْجِراروَقَليلٌ مِنَ الأَرْضِ يَكْفي لِكَيْ نَلْتَقي فوقها,
وَيَحُلَّ عليها السَّلام.
الكَمَنجاتُ تَبْكي مَعَ الْغَجَرِ الذَّاهِبينَ إلى الأَنْدَلُسْالكَمَنجاتُ تَبْكي على الْعَرَبِ الْخارِجينَ مِنَ الأَنْدَلُسْالكَمَنجاتُ تَبْكي على زَمَنٍ ضائِعٍ لا يَعودْالكَمَنجاتُ تَبْكي على وَطَنٍ ضائع قَدْ يَعودْالكَمَنجاتُ تُحْرِقُ غَاباتِ ذاكَ الظَّلامِ الْبَعيد الْبَعيدْالكَمَنجاتُ تُدْمي الْمُدى ، وَتَشُمُّ دَمي في الْوَريدْالكَمَنجاتُ تَبْكي مَعَ الْغَجَرِ الذَّاهِبينَ إلى الأَنْدَلُسْالكَمَنجاتُ تَبْكي على الْعَرَبِ الْخارِجينَ مِنَ الأَنْدَلُسْالكَمَنجاتُ خَيْلٌ على وَتَرٍ مِنْ سَراب ، وَماءٍ يَئِنُالكَمَنجاتُ حَقْلٌ مِنَ لَّيْلَكِ الْمُتَوَحِّشِ يَنْأى وَيَدنوالكَمَنجاتُ وَحشٌ يُعَذِّبُهُ ظُفْرُ إمْرأةٍ مَسَّهُ ، وَابتَعَدْالكَمَنجاتُ جَيْشٌ يُعَمِّرُ مَقْبَرَةً مِنْ رُخاَمٍ وَمِنْ نَهَوَنْدْالكَمَنجاتُ فَوْضى قُلوب تُُُُجَنِّنُها الرِّيحُ في قَدَمِ الرَّاقِصةْالكَمَنجاتُ أْسْرابُ طَيْرٍ تَفِرُّ مِنَ الرَّايَةِ النَّاقِصَةْالكَمَنجاتُ شَكوى الْحَرير المُجَعَّدِ في لَيْلَةِ الْعَاشِقَِةْالكَمَنجاتُ صَوْتُ النَّبيذِ الْبَعيدِ على رَغْبَةٍ سابِقَةْالكَمَنجاتُ تَتْبَعُني ، ههُنا وَهُناكَ ، لِتَثْأرَ مِنِّيالكَمَنجاتُ تَبْحَثُ عَنِّي لِتَقْتُلَني، أَيْنَما وَجَدَتْنيالكَمَنجاتُ تَبْكي على الْعَرَبِ الْخارِجينَ مِنَ الأَنْدَلُسْالكَمَنجاتُ تَبْكي مَعَ الْغَجَرِ الذَّاهِبينَ إلى الأَنْدَلُسْ

و عندما انتهى صوته المتهدج فى قصيدته تسرب إلى وعاء ذاتي فيضا من المشاعر لا تفسير لها حول ما أرسله أبى له على ورقة بالية ولم أفهمه فى الوهلة الأولى رغم أنها عبارة قصيرة (كل شئ معد لنا سلفا ..فلماذا تطيل التفاوض على معاهدة الصلح يا ملك الاحتضار) " وعندما جاء دوري لأعناق محمود درويش محتضنا بعد أمسيته بكيت بكاء شديدا ندما على سرقت ماعز أبى وطيوره .... وعجزت أن أحقق حلمه وأخر أمنياته وادفنه ثراه فى قريته القديمة لتفوح حوله رائحة الزيتون و ثمار البرتقال التى ذكها دماء أبوه و أمه و أخته الذين دفنوا فى مكان هناك لم ولن يعرفه أو أعرفه مع رفض الحكومة الإسرائيلية وصية أبى بزعم عدم وجود قرية بذات الاسم فربما صارت مستعمرة أو مدينة صهوينة... وظل قبر أبى فى بغداد كلما زرته جليت معى حبوب طعام للحمام و اليمام و العصافير التى تأخذ عشا و مأوى لها منذ وفاة أمى هناك و قرأت له آيات قرآنية و بعض من أشعار محمود درويش لعله يغفر سرقتي الأولى ووصيته المرفوضة الأخيرة...."
قطعت حديث المشير الممرضة الفرنسية الشابة التى دخلت الغرفة بعربة صغيرة قائلة بلهجة مهجنة "السلام عليك" و نظرت إليه مبتسمة بإمتنان و حيته بالفرنسية ثانيا وكان المشير يراقبها فى معطفها الأبيض القصير و قد بدا من أسفله رداء سروالها البكيني الأبيض و أشياء من جسم صدرها من بين أزار المعطف الطبى وهى تطوف حول سريره تنظر إلى مؤشرات الأجهزة الطبية التى تعكس بيان لحالته الصحية المتردية و غيرت بعض المحاليل و الأدوية المعلقة بجانبه ووضعت مقياس الحرارة فى فمه ودونت بعض الملحوظات على بطاقته الصحية ولبست قفاز ابيض وغيرت كيس التبول الملحق بقضيبه ثم خلعت قفزها وسحبت صدره نحوها وحضنته و ضربت على ظهره بيديها و أرجعته إلى سريره و تجولت بيدها الدافئة على صدره وبالأخرى ضغطت على يده مطمئنة بعينها الزرقتين وضحكتها السمحة المطلة من بشرتها الملونة أخبرته أن موعد مرور أطبائه بعد نصف ساعة و سيسمح لزوجته ان تزوره بعد ساعة ثم قبلته فى جبهته وتركته متمنية إلا يكون الحمام الذى تجمع حول المستشفى قد أزعجه..؟
عاد الحمام و شهوة بدون القطة السوداء إلى غرفة المشير بعدما اختفوا هربا من دخول الممرضة الفرنسية وعاد المشير أيضا إلى حدثيه متذكرا ..
"و عندما دخل الأمريكان الى العراق رفضت أختى وزوجها أن يسمعوا نصيحتي ويرحلوا إلى اى مكان أو يأتوا للعيش معى ...ماذا كان يمكنني أن افعل و قد قتلوا ابنته وهى لم تتجاوز السابعة عشر ربيعا بعدما تناوبوا اغتصابها ثم قتلوا أخوها الصغير و أختي و زوجها ولا أدرى لماذا مزقوا أجسدهم و احرقوا البيت على جثثهم هل من اجل حرية العراق ..هل هذه هى الرجولة كما قال صدام قبل أن ينحروه كالشاه ؟
....كانت مؤشرات منحنيات تردد قلبه المنعكس على شاشة التلفاز تهبط و تدنو ببطء....فحضنته شهوة وبكت وكأنه استردت إنسانيتها ولو برهة فى سياق حياتها و قالت له فى أذنه" أنهم قتلوك ..."
كان المشير و قد ترك لها نفسه من شدة صراعه مع ألامه التي لاتنتهى ...يهمس فى أذنها أيضا "اعلم ذلك فقد ماتت كل القطط التى أربيها ...كنت حريصا أن تأكل معى من ذات طعامي ..يا لها من قطط مسكينة لا ذنب لها فى معركة الخيانات.."
نظرت شهوة إلى عينيي المشير ضاحكة و دموعها تتساقط قائلة
"تعلم أنى حلمت أنهم سيحملونك على عربة المدفع العسكري كما أنهم سيحملونى على مدفعهم ؟"
علق المشير"محمود درويش ....محمود درويش ....شاعر أبى ...لم يتسنى أن أسئلة هل كان هو أيضا لا يأكل طيور السماء ...."
ورأسه على كتف شهوة وجسده بين ذراعيها تقدم نحوه شاب ملتحي في جلباب أبيض ممزق بثقوب ملوثة ببقع من الدماء وكانت رأسه مشوهة من أثار طلقات رصاص اجتهد المشير ليتبين ملامحه ورفع يده ليلمس وجهه قائلا
"شئ يفطر القلب كم أنا تعيس وحزنت من أجلك أيها الشاب لقد أخطرت الشخص الخطأ لتبدأ من رأسه طريق قاعدة الجهاد ... لم أكن بطلا كصلاح الدين و لكنة لم أتوانى عن الدفاع عن وطنى الضائع قدر ما أستطع قلبي وعقلي و جسدي وروحي ويدي ولم أستسلم كما تتصور ...كان أمل دنقل يصرخ لا تصالح حتى انحلت سيور عربته و السيف في صدره و من خلفه الجدار .... ربما قد أساءت التقدير فرفقاء السلاح الذين حاربوا معى في الخندق قالوا إن الرسول صالح وعليك أن تعيد بناء قوتنا أثناء هدنة إلتقاط الأنفاس ولكن الرسول كان يدرك و نحن ما بعلمون بأنها كانت مصيدة لارتخاء الأنفاس ..فالرفقاء تركوا سلاحهم ووطنهم طواعية في مقبرة مذبحة النسيان و استدروا لوليمة على شرف الذئاب ...."
لايبدو إن الشاب قد إقتنع بما قاله المشير فأشار برأسه نحو شهوة دون إن ينظر لها وهى لاتزال تحتضن المشيرالذى أستمر فى حديثه وهو يتحسس وجه الشاب بأصابعه الواهنة قائلا" الانيباء غير معصومين من الخطأ يا يونس وأراك قد تحولت إلى ملاك الحساب إلا تترك شئ لرحمة الرب أيها الابن الشهيد ؟"
صمت المشير برهة وقد سقطت يده عن الشاب الذى تركه راحلا فإنتكس وجهه على كتف شهوة وتحدث بصعوبة متقطعة قائلا "كيف طاوعتك نفسك فأردت قتل أبوك و جدك كان لايذبح الحمام؟"
كانت رغاوى من فم المشير تسيل و جسده يتحرك من فرط الآلام التى تعتصره و شهوة فى دموعها الحقيقية تنهمر على وجهه المشير وهى تحتضنه بقوة كطفلها وتطلبه أن يتوقف عن الكلام ويخلد للراحة ..
بدا له عزرائيل فى الأفق لكن المشير لم يتوقف عن الكلام وبصوت متقطع يحتلجه زفرة الموت الأخيرة موجها حدثيه لشهوة "يا لها من دموع حقيقية ...لم أعرف أن للشيطان دموع.... الحمام كان يدمع هو الأخر على أعتاب قبر محمود الدرويش فى يوم وفاته "

كانت أعداد من الأطباء و المساعدين تقفز متوافدة إلى قلب حجرة المشير
واختفت شهوة و قد تجلت للمشير أطياف ملك الموت تتماوج أمامه مع أجنحة طيور الحمام وهو ذهاب إلى غيبوبته الأخيرة فقال " ونفس وما سواها فألهمها فجورها و تقوها..." ثم نظر متحدثا الى أمه التي بدت له بجواره تشد بيدها على يده بوادعه "أمي .. أريت يا أمى ملاك الموت الرهيب الذى لا مفر منه القابض أرواحنا.....يا له من ملاك جبار لا يتوانى عن خدمة سيده ألهنا الديكتاتور الرحمن الرحيم العادل ...كم أنت مستضعفا أيها الإنسان فى عالمنا العابث....أيها الملاك المخيف أنى يجب إن أكون هلعا من المجهول فهل تستطيع أن تقول معى لا الله إلا الله محمد رسول الله.... لا الله إلا الله محمد رسول الله.. لا الله إلا الله محمد رسول الله ".

عندئذ دوت صوت صفارة التلفاز الالكتروني متصلة وقد أصبحت منحنيات قلب المشير الالكترونية تخبو لترسم خطا مستقيما عندها تركت الحمام الأشجار حزينة تحمل جنازة أوراقها الصفراء و الحمراء وتفترش أرضا المستشفى ينتبها هياج عاصف يبعثرها فى أجواء أرجاء باريسية فى مقتبل الخريف و بعد صراع المشير مع السم اليهودي المزعوم طوال أسبوعين فى العاصمة الفرنسية و لكن قلبه مازال معلقا يتطلع إلى الأرض أثناء رحلة صعود روحه إلى برقها يراقب حذائه لعله يدرك من سرق و اغتصب أخته الصغيرة قبل أن يقتلها على أعتاب باب مسجد الجامع وقد هبت كل الطيور التى كانت تحاصر المستشفى فى و داع روحه تغنى لغرناطة الروح والجسد على صوت البراق وقد اندفعت إلى ضمير السماء التى انهمرت فى سيل من بكائها ورعدها وأسرت مع روحه و لم تعود مرة أخرى قاطبة للأرض .
و عندما عاد جثمان المفقود إلى مثواه الأخير فى مدينة العدالة والسلام كان فى استقباله فى مطار العاصمة السيد الرئيس الذى كان على رأس جنازة المشير عبد الحكيم أبو حمامة العسكرية المهيبة حيث حملت جثمانه عربة المدفع التى تدافع خلافها جميع قادة و ملوك ورو ساء الولايات العربية المتحدة بالإضافة إلى العضو المنتسب إسحاق شارون رئيس حكومة ولاية إسرائيل ...
و تجمعت كل قطط المدينة تحاصر الجنازة بينما أسراب الحمام تشكل سحابة فى و وداعه رغم أن الشرطة احتارت فى هذه الظاهرة المحيرة وطاردت القطط على الأرض و الحمام فى السماء بالقنابل المسيلة للدموع فلم تفلح فى تفريقها عن الجنازة فجربت الإبادة الجماعية و مع سقوط انهار من الدماء إلا أن عددا من الحمام و القطط ظل يتوافد من كل فج عميق وراء الجنازة التى امتلأت بالدم ؟
وخص السيد الرئيس فى تصريح لبرنامج العدالة والسلام اليوم الفضائي اليومي على قناة
الاوربيت قال فيه أن العالم العربي فقد اليوم رجل من أعظم رجاله و أشجع أبنائه لم يتوان عن خدمة وطنه بالدم و الروح والعطاء و عزى أسرة المشير و دعي ربه للفقيد الرحمة والجنة وان يلهم أهله الصبر و السلوان .. وعبر عن أسفه لان يفقد وينعى اليوم أخا و رفيقا و صديقا وزميلا مشوار درب و كفاح وسلاح......تابعه تقريرا اهتم فيه المذيع عمرو أديب بظاهرة الحمام و القطط الضالة فى شوارع عاصمة ولاية العدل و السلام التى سببت حرجا كاد أن يوقف جنازة سيادة المشير .
كان الرئيس ذاته لا يدرك إلا أجزاء من الأسباب التى عجلت بنهاية المشير حيث صار الله وحده يعلم الحقيقة كاملة التى دفعت الرئيس لإقالة المشير ثم نحره و أسرار اختفاء مذكراته من بيته فى ظروف اشد ا غموضا وقد فرغا من كتابتها قبل مدة من وفاته .
ومع ذلك فان ما أشيع فى مدينة العدالة و السلام حول مذكرات المشير أنها كانت تدور حول تخمينه لأسباب إقالته.. و سرب ممن ادعوا أنهم قرءوها من الدائرة المقربة منه انه قام بتطوير صواريخ بالسيتية مع كوريا الشمالية و زرع جواسيس لسرقة معلومات و أجهزة تكنولوجية عسكرية حديثة ومعقدة خاصة برادارات حديثة من الولاية المتحدة الأمريكية وأعد لتنفيذ برنامج سرى لخطة تطوير أسلحة هجومية و إستراتيجية وبيولوجية للردع فى الشرق الأوسط بدون علم سيادة الرئيس إلا أن أوراق التفسيرية لتكهنات نتوستراداموس المنزوع منه الصفحات الخاصة بما جاء فى مذكرات المشير أكد فيما ما تبقى من سطور قليلة حول هذا الموضوع علم سيادة الرئيس بكافة ما كان يقوم به المشير و بالتنسيق معه لتطوير قدرات القوات المسلحة فى الولايات العربية المتحدة لكن المتابعين والمحللين رجحوا على ما يبدو أن خطط سيادة الرئيس قد تغيرت مسارها دون أن يدرك المشير ما يدور فى كواليس مسرح عقل الرئيس الذى تنصل امام حلفائه الجدد من خطة الاستعداد للدفاع عن مكتسبات السلام الضائع و أصبح لزاما أبعاد المشير باعتباره شخصا غير مرغوب فيه وعقبة أمام عهود من السلام الذى لا يأتي الا بإستضعاف متواليا لوطن صامت فى سكون توغل استسلام إحتلال العرق ....






هيئت لك

كانت تركة المشير في رحم وجدان شهوة نطفة فعلقه تنمو جنينا قرمزيا لامعا أيقظ برقة مولود الضمير في أحشائها المضطربة وعلى غير عادتها خلعت رداء الخوف وفقدت عذرية الصمت وقد تناست قواعد اللعبة ربما بدافع الهلع المغلف بغريزة البقاء بضربة إستباقية لفضح الأخرين خوفا من زحف أشباحهم حولها فتملكها جرأة شديدة في مسرح مغايرا تماما لملعبها الأنثوى و ربما تأثرت بعدوى الثورية فى مراحل تاريخ المشير الراحل الأولى فظلت تثرثر بغزارة هنا و هناك حول أدلة و براهين ليست فقط عن أداة دس السم الإسرائيلى المزعوم في جسد المشير ولكن عن تكهناتها عن الفاعل و المحرض والمنسق و الشريك وعلى الجانب الأخر كان قصر الرئاسة ينصت بضيق عن كثب محتقنا و التقرير التي ترفع تقرأ جيدا و بأهمية بالغة رغم هشاشة نسيج حكايات شهوة و تأثيراتها وسهولة نفى مصداقيتها بمجرد نعتها بعاهرة تبحث عن أدوار لا تناسب مهارات إمكانياتها الفنية الرفيعة وقد فكرت في الهرب إلى أوروبا خوفا من التخلص منها هى الأخرى ولكنها من كثافة هواجس الظنون بالغت كثيرا في سقف توقعاتها وقوة حجم ثقلها خصوصا أن الصحفى الكبير عبده أمين صاحب جريدة أخبار الخليج القطرية ذات الميول الأنجلوسكسونية المعروفة حاول عن طريق أحد الصحفيين العاملين في جريدته إستدراج شهوة وحثها على كتابة مذكراتها بإغراءات أموال تكفيها لتبحر متواغلة بلا شاطئ فى رغد رفاهية الحياة كل ذلك نكاية في المشير أبو حمامة ليثأر منه بناءا على رواسب نادبات إنتواءات جروح عميقة قديمة لا تطيب أقلها أنه كان وراء إتهامه وإدانته فى قضية تخابر مع دول إمبريالية عالمية أثناء الحرب الباردة.. فظل يطارد ذكرها حتى بعد وفاته تطبيقا لقوله رسول الصحافة العربية أذكروا سيئات موتكم ..فأن نفذت أختراعوها ورغم براعته فى طمس سابقته الأولى إلا أن جماعة الأخوة القوميون العرب أطلقوا عليه الجاسوس الأمريكي وهو عار ألتصق به في ماتبقى من ضمير الولايات العربية أفقده بعض من مصداقيته التى إستعادها مع الاستعمار الجديد و حفلات أعياد الحب و ليلة القدر و الجوائز التى رصدها بإسمه لأخبار صحف الخيانة ومع ذلك كان المستحيل أن يغسل عاره كل بحور ومحيطات أى عالم ومن هنا إمتدت كراهيته و عدائه من المشير أبو حمامة حتى الملك لير....؟
و التقرير كانت تصب بغزارة على مكتب صفوت الكأس المتابع عن كثب فأبلغ شهوة هاتفيا أنه لا يستطيع أن يضمن عواقب ظهور مذكراتها إضافة أنها تمسه شخصيا فقد سبق له مع شيوع قوة تأثيرها الجنسي في فترة مبكرة من عمرها في بداية الثمانيات أن حاول تجنيدها للعمل في الشعبة 101 مومسات التي إنشائها وتولى مسئوليتها بجهاز مخابرات الولايات العربية المتحدة في بداية صعود نجوميته وعبقريته في نشاط السرائر وراغبى المتعة الضراء إلا إنها رفضت رغم كل الإغراءات و كثافة الضغوط و التهديدات التوقيع على إستمارة الإخضاع وقد إكتشفت مؤخرا أن صفوت الكأس كان المهندس الذى رسم مبكرا خطة فضيحة المشير و المستشار أبو طاقية معها وزج بها معهم لاصطياده ودفع أصدقائها من المضيفات و الطيارين التي تعتمد عليهم في تهريب الملابس المستوردة إلى عاصمة الولايات العربية المتحدة لجرها إلى قبرص مع تسهيلات ومغريات في أسعار السفر و الإقامة في ذات المكان الذى كان سيحل به المشير فقد كان من السهل عليه إدرك بحسه الإستخبارتى القديم أن شهوة ستعمل تلقائيا وبنجاح و بدون أى توجيه على الإيقاع بالمشير بمجرد رؤيته لكى يساعدها في محنتها القضائية مع أبو زوجها الهارب و قد بدأ الشك يساورها بأن اللواء إحسان شنب كان ضالعا في المؤامرة معه حتى أنه الوحيد الذى نجا منها بل وكوفئ بترقى لرئاسة ولاية ليبيا رغم تورطه في الفضيحة ...وقد منحت شهوة اللواء إحسان شنب بالونة اختبار سذاجة سقط فيها بإقتدار عندما طلبت منه النصيحة في كتابة مذكراتها لجريدة أخبار الخليج التي كانت تجرى مفاوضات معها حولها غاية في السرية و التكتم.. فنصحها بالعزوف عن مقصدها إكتفاءا بما جرى و مايشاع عن وفاة المشير وقد تلاها مباشرة رنين هاتفها يحمل إنذار بصوت صفوت الكأس مبطن بالتهديد... فلعوامل متضاربة كانت شهوة تسبب صداع نسبى محتمل لقصر الرئاسة وكان هناك إجماع ضمنى مستتر على أنها لا تشكل أى تهديد تستحق به أن تلحق بمصير المشير ولكنها تستوجب مجرد تقليم لسان و توجيه رسالة تربوية غير مباشرة تذكرها بموقعها ودرجتها في خريطة وطنها فبعد منتصف أحد الليالى إندفعت سيارات سوداء ذات الدفع الرباعي تطارد سيارة شهوة فى الطريق الدائري للعاصمة الولايات العربية وحاصرتها و أجبرتها على الوقوف و هبط رجال حلقي الرأس إندفعوا يخفون عيونهم وراء نظارات سوداء وهم يرتدون بدلاتهم الأكثر سواد و نزعوا شهوة التى قاومتهم من مقعد قيادة سيارتها و طرحوها على وجهها أرضا فشاهدت أرجلهم مختلطة مع أضواء البيضاء و الحمراء لكشافات السيارات الأمامية و الانتظار الخلفية التى حاصرت سيارتها و أغلق فمها بشريط لاصق وكبلت و نزع بنطلونها الجينز بقوة وشعرت بوخز فى مؤخرتها راحت على أثرها تفقد الوعي ..و بعد فترة لم تدركها اقتيدت بالقوة الى قاعة كبيرة خيل لها أنها معملا سريا للأبحاث ولم تكن تدرك أنها تابعة لمبنى جامعة الولايات العربية أثناء انعقاد إجتماع ملوك ورؤساء الولايات العربية المتحدة بتونس لبحث سبل دفع عملية توك توك السلام مع الشريك الإسرائيلى و هناك فكوا أغلالها و نصحت بعدم الحديث إطلاقا ونزعة ملابسها تماما و قام أشخاص بدا لها من ملابس معاطفهم البيضاء أنهم أطباء قاموا بالكشف عليها و حقنها بأشياء مختلفة شعرت بعدها أنها فى مسافة بين اليقظة والمنام ثم قاموا بغسلها بمواد غريبة لها رائحة جميلة مع فتيات أخريات فى بانيو ضخم يشبه المسبح إنفصلت عنهم لاحقا ...و رحلت إلي منتصف غرفة ملمس رخام أرضها عتيق رطب تملأ جدرانها الستائر الحمراء و براويز ضخمة تحوى رسوما صور جنسية فاضحة رسمت أيضا على سقفها العالى بأكمله بمهارة إبداع فنان زنديق حاذق ويفوح فى ثريا هوائها خليط من روائح عربية معطرة على ضوئها الداكن الصادر من شموع حمراء و مشاعل تتطاير نارها الواهن فى أيقونات أنيقة تزين جدرانها تمرق منها بين الحين و الأخر دخان رائحة زهرة الخشاش وتحنو على مسمعها موسيقى عربية ماجنة خالصة هادئة مختلطة مع صوت المكيف متسربة إلى أذن شهوة بعد أن توقف رنين صوت أحذية العسكر أثناء دخولهم معها إلى الغرفة و قد أمسك بكلتا يديها حارسان عملاقان بكامل ملابس تشريفاتهم العسكرية وقفت معهم فى منتصف الغرفة عكس إتجاههما فى
وضع إنتباه دون أدنى حركة لمدة طويلة حتى سمعت باب الغرفة الضخم يفتح ويغلق و دخل شخص و تقدم نحوهم ووقف خلفها تماما عندئذ قام الحارس بأداء التحية العسكرية بقوة وصارمة الإنضباط العسكرى دون أن ينظرا إلى الضيف الغرفة المريب و رؤوسهم تتجهه صوب غرض ثابت فى سقف الحجرة ... و سلط فجأة على حدود شهوة فقط ضوء ساطعا من أعلى الغرفة ثم تحرك الحارسان اللذان كان يقفا فى صفا مواجها الحارسين الإمامين الممسكين بأذرع شهوة بقوة بخطوات عسكرية مهيبة نحو يسار و شمال شهوة و إستدار على كلا جانبيها فى مواجهتها وأسقط كلهما من على كلا كتفيها خيط رباط رداء أحمر مخمليا فصار جسدها متوجا عاريا ثم نزلا بحركات عسكرية دقيقة وميكانيكية محددة ومتوازية وإستند بقديهما الأيمن على الأرض و قد إنحنيا برأسهما المنعكسة صورتهما فى مرآة بلاط الغرفة المصقول و أمسك بقوة بفخذيها و فتحا كلاهما أرجلها و تحنط على وضعهما فجاهدت شهوة تتطلع فى بعض أجزاء ماتبقى من مساحة الرؤية فى المرآة التى أمامها لمعرفة الضيف فرأت بعض من ملامحه فكان يرتدى بدله أنيقة يبدو منها شيئا بالمرأة وهو يتقدم يلتصق بها من الخلف تماما وهنا تحرك الحارس الوحيد الذى كان يقف بمفرده بمحازتها على عكس اتجاهها على مقربة من جانبها الأيسر و ألتفت نحوها سائرا بخطوات عسكرية بطيئة منتظمة رتيبة واعدة وهو يحمل عدة مناشف قطنية بيضاء يضمها بكلتا يده نحو صدره و توقف وإنحنى ليضعها بحركة ميكانيكية خلفها على منضدة صغيرة وعاد إستقر معتدلا و إستدار سائر فى مواجهة جانب شهوة الخلفى الأيسر وتوقف و إنحنى و إستند هو الأخر على ركبته اليمنى فشعرت شهوة أنه يعبث بمؤخرتها و قد دفع بشيئا أستقر داخلها فسرعان ما أيقنت أنه خاص بالضيف غرفة البرتوكولات العسكرية الغامض ..وسرعان ما إعتدل الحارس واقفا وإلتف بحركة عسكرية رشيقة وصارمة ثابتا ليعطى ظهره للضيف صائحا "تماما يا أفندم" ثلاثة مرات وعاد إلى حالته كتمثال فى معبد إغريقي و قد مد يده بقوة لا تهتز بمستوى كتفه وفى نهايته حمل قفزه الأبيض منشفة بيضاء صغيرة تتدلى .....فإلتصق الضيف تماما بظهر شهوة و أمسك ثديها بقوة بكلتا يده و إعتصرهما لعل الحليب يخرج من حلمتها ليتوضأ فى غياب الملح و الثلج و هو يتحرك بحنكة سياسية متخبطا متمرجحا تائها مترنحا داخلها بعنف زائد و عينه زائغة ولكنها تملأها ثقة و ثابت جبروت السلطة وهو ينظر لها من خلف شعرها فى جزء من المرآة كرجل إسطورى يوقع قراره التاريخى فى دهاليز بلاط ممرها المملكى ويلقى فيه بيان للأمة فما لبث أن إبتل عرقه ثديها و ظهرها بعدأن بلل بدلته الأنيقة و عندما بدأت قبضته ترتخي من على صدرها أدركت بحسها الأنثوي أنه قد أنهى رماد حفلة إفراغ و تصويب مشاعره فى بؤرة مؤخرتها دون منى يمنى وكلما شد منشفة قطنية صغيرة ليزيل أثار معركته تحركت يد الحارس حركة ميكانيكية على ثلاثة أجزاء يستل بها منشفة جديدة من على المنضدة التى أمامه ثم يعود ذراعه مرتدا على ثلاثة حركات عكسية مشابهة بمنشفة جديدة تتدلى مرة أخرى وقد رسم عليها علم جامعة الولايات العربية.
هذه الحادثة تركت جرحا عميق فى نفس ضيف غرفة الطقوس العسكرية الغامض حيث كانت بما ثابت مباراة اعتزاله فلم يستطيع أن يقارب النساء قطا بعد ذلك و إحتار الأطباء في تفسير هذه الظاهرة ببقاع عديدة فى العالم زارها فلم يكن هناك ثمة سببا طبيا معروفا يحول بينه و بين معاشرة النساء سوى عين شهوة التى كلما تذكرها بوحشيتها و صولجان الرغبة القاهرة العنيفة كما يشع فى تمرد عينيها بالمرآة الذى لم يستطيع أن يحتويه أو يكبح جماحه أو يروضه وهى تبدله بقوة التحدي كلعنة تطارده كلما شعر بوخز جنسيا عارضا أو ملحا فإكتفى بقية حياته بإغتصاب كامل وطنه كما ترجح بقايا الورقة المهترئه المندثرة بعضا من ضوئها المنحصر الهارب فى المذكرات المنبثقة عن تصورات العراف الشهير نتوستراداموس الذى لم يستطيع حتى أخر سطر فيها التنبؤ بمن هو ضيف مؤخرة شهوة المحتفى به ...؟ والتى هى بدورها لم يكن صعبا عليها أن تخطأ فى تمييزه فتكنهت بسهولة كونه _مع الأخد فى الإعتبار مقولة صدقت العاهرات الطاهرات ولو كذبت _ رئيس و ملك ولاية مدينة العدالة والسلام....


شهوة من الخلف

الشيطان أيضا كان من خير العابدين فلم تكن شهوة سابحة على بركة بحر ملذاتها فاقدة لنعمة إحساس الخجل بالسليقة...فقد كانت الإبنة الوحيدة لأسرة تحتاج مابين نبي إلى رسول لتنجو من براثين فرط إنحلالها....الأب كان سكيرا فقد أدنى رغبة فى مواقعة زوجته الحسناء منذ أمد طويل وترك تجارته و أطلق جماح رغبته نحو إحتراف لعب القمار وحول شقة بيته إلى صالة مصغرة تدور فى كنفها الخمر و أورق الكوتشينة و التواطؤ فى سباق نحو لذة فضيلة الرذيلة بين زبائنها ....خسر الأب على المائدة كل شئ ماعدا إيمانه الخالص بأهمية التنوع فى قوالب الفجور و رواد منزله أردوا أن يستمر المشهد إلى مالا نهاية فقد كانت على مقربة منه زوجته الجميلة ذات الأصول الأوربية تدفع فواتير خسائره من فوهة عرق جسدها ربما بدافع اللذة أحيانا وغالبا للإحساس بقيمة غرائز البقاء وإثبات فاعلية إستمرار سلطة ثقبها المغناطيسى الفواح بمجال قدراتها واسعة الإنتشار فتعاقب عليه المشتاق كلما فرغ العشاق و عندما كاد أن يشبع المترددون كانت التعويضات تشح و الشهوة إلى الزوجة تفتر و أحوال الأسرة تزداد صعوبة والزوجة تحاول أن تحافظ على بريق ما تبقى من جمال ورشاقة بدا أنه يتسرب بفعل الزمن أوملل كثافة الإشباع ... و الزوج يحاول أن يجد زبائن جدد يروج لهم صالة بيته و خدمات زوجته الضمنية ....
كانت شهوة تراقب أرباب المائدة و علاقتهم بأمها و ببراءة الطفولة تنقل ما يحدث فى الكواليس لأبيها لكن الرجل لم يكن على إستعداد أن يسمع أو يصدق أو أن يذكره أحد بما يحاول أن يتجاهله حتى تستمر الحياة خلف الأقنعة ...فأبيها كان صلبا وحادا وعنيفا في الدفاع عن أسرته وزوجته و شرفها ولم يكن متساهلا إلا مع رواد صالة القمار في منزله حتى بات معروفا أن الوصول إلى شهد زوجته يبدأ بإحتلال كرسى على مائدة القمار في صالة منزلهم و الخسارة للزوج بما يسد رمق الحياة و يوفر للأسرة معيشة كريمة .
كان الأب يشعر بتميزه لكونه سليط اللسان وقح لأقصى درجة يتحدث عن أعضائه و معاشرته النساء وزوجته بلا أدنى خجل وزوجته اللعوب كانت تبادله هذه الصفاقة اللفظية على الملأ إلا انه كان يجد إن أي جمال يزول من فرط إستعماله كما يفقد القمر تأثير وهم جاذبيته طالما أقلعت من الأرض صوبه ويرى إن المرأة التي تشل عقله وتسيل لعابه هي التي تقرأ أفكاره وتستحوذ على خياله ورائحتها تنقض على فؤاده السفلى وتداعبه وتفجر عيون مياه الجوفية من قبل إن يلمسها وتبتكر فى فنون الدعارة وتتلون كالحرباء وتهجم بفرسها الرطب الضيق تمرت فى مسماره وتمتص حيوانات آباره .... فلم يترك الأب فرصة دون إن يغازل زوجته ويقبلها بغزارة مفتعلة أمام ضيوفه ويتحسس أعضائها و هو يراقصها ظنا منه انه يلهب تدفق حماس خيالهم حول علاقتهما الطازجة الساخنة فيروج مستترا للآخرين بضاعة زوجته التى كان يطرق يده ضربا من أسفل لأعلى بأصبعه الأوسط المنفرد قائما منتصبا مؤخرتها متباركا صارخا "فول آس " كلما فاز فى جولة على مائدة المراهنة لاعتقاده أنها جلبت الحظ و نعيم هناء و الاستقرار لنموذج صالة قمار أسرته السعيدة الفريدة وبلغت ليبراليته هو وزوجته أنهما كانا يشاهدا أفلام الفيديو الإباحية التى يحرص على اقتنائها أول بأول في حضور ضيوفه من الرجال و النساء فى مشاهدة جماعية فى البدايات الأولى قبل ظهور عصر السموات المفتوحة و إحترافه القمار والأشياء التى أكملت على خواء روحه .
و أم شهوة لم تكن بعيدة عن الشعبة 101 فقدت و ضعت حجر الأساس التنفيذى للشعبة وقدمت خدمات جليلة لصديقها صفوت الكأس التى إرتبطت معه فى صداقة عمل قديمة و إستطاعت تجنيد كبار نجمات الفن و سيدات المجتمع ودبلوماسيين وأسرهم فى فيللا زوجها وقدم صفوت الكأس حماية غير مسبوقة لأسرتها من ناحية أخرى فقد كانت فيللا زوجها أكبر كازينو قمار غير مرخص فى ولاية العدل و السلام حتى إن راكبى الميكروباص كانوا يطلقوا عليه "محطة كازينو القمار" فى محور شارع الثورة .
و رغم أنه أول من إكتشف مواهبه شهوة المبكرة فأهدى لها مجموعة كتب عن معابد كاما سوترا الهندية وهى فى سن العاشرة وكانت هى أول من أطلقت عليه أونكل SIDعلاوة على أنها الفتاة الوحيدة التي تمناه بشكل شخصى و مهنى لكنها لم ترضخ له وكانت تكن له كراهية شديدة فجعلته يمارس العادة السرية على خلفية صورتها فى خياله الاستشاري !
إلا أن كل المحاولات و الضغوط التى مارسها صفوت الكأس على أم شهوة فى التوسط لتجنيد إبنتها باءت كلها بالفشل لأن الأم كانت لاتريد توريث خدمات مهنتها العريقة لإبنتها على نطاق من العمل الوطنى متسع ؟

شهوة بدأت بفضول الطفولة و هى في سن التاسعة تهرب من النوم نحو التلصص في سن مبكرة من ثقب مفتاح غرفة النوم ثم من خلف الستائر الخارجية لبلكونة أمها على المشاهد الساخنة الحية التى تدور بالداخل ..وكانت لديها عقدة نفسية بأنها تشبه الأولاد كما و صفها أبيها حيث ظل يعيرها أمام ضيوفهم ضحاكا و هو يتحسس ثديها بان صدرها ليس كصدرها أمها المكتظ بل أنها لم ترث حتى صدر أخته الصغير فهى فى نظره بدون ثدي أنوثة ... وكانت شهوة تبكى كثيرا فتحتضنها أمها وتنهر زوجها و تلومه وتوبخه على سخريته من ابنته الصغيرة و كثيرا ما دخلت الأم على أبنتها غرفة نومها ليلا فتجدها تنظر إلى صدرها العاري فى المرآة منفطرة في البكاء لأنها بدون ثدى فكانت تقبلها محتضنة وتهدئ من روعها و تطمئنها إلا تتعجل مثل هذه الأمور وهى مازالت صغيرة ...و تنصحها بفركهما بإنتظام حتى يكبرا سريعا ..وكانت شهوة بناءا على نصيحة أمها لا تنام الليل من فرط الإجهاد من كثرة دعك صدرها باستمرار و هى تقوم النعاس و كانت كل صباح تجرى إلى مرآتها تكشف صدرها لعلها تجد بادرة نمو لصدرها دون جدوى ؟
وكانت تعشق بشغف أن تنظر إلى صدر أمها أو تنام وهى تحسس صدرها المتضخم لعل العدوى تنقل لها و فينتفخ ثديها و يكتظ باللحم الطرى و كانت تمص حلمة أمها حتى تؤكد لذاتها أنها مازالت صغيرة و قد تعجبت أن الرجال لا يهتموا كثيرا بثدي أمها الشهواني أثناء لقاءاتهم شبه السرية معها فسألتها "هل يهتم الرجال بصدر الفتيات؟" فإجابتها بحكم الخبرة "أنه هدف ثانوي عند الرجال و لكنه عملا أساسيا و مبدئيا في إطلاق صفارة إنذار لتوجيه بوصلتهم مشاعرهم صوب طموحهم الأخير ؟
ورغم أن صدر شهوة كان ينمو ببطء ملحوظ إلا أن جسدها كان يفور بأداء صاخب أعاد كبار اللاعبين إلى غرفة صالة القمار في بيتهم و زاد الإقبال و اكتظ البيت بالزوار و عاد الرواج و الأيام الخوالي إلى البيت القمار الذي تقلصت خياراته مع الطازج الواعد اللذيذ...
وبدأ اللاعبون ينظرون إلى قبلة شهوة و تقدم احد أصدقاء الزوج المخلصين و جار العائلة من المسلمين وهو على مشارف السبعين يداعب الابنة كمعتاد و يقدم لها الشيكولاته المفضلة مع الآيس كريم و يجلسها على حجره فينتابه إحساس فيضا بالشهوة ويرتفع علمه بعد إن انتكس منذ فترة طويلة وقد حكي إلى أقارنه مما حول بيت أبو شهوة من صالة للقمار إلى مجمع الأديان للساعين لبركة أبنت الرب من راغبى الاستشفاء من العجز الجنسي و قد صارت الابنة قي سن السادسة عشر قديسة تطوف من حولها هالات و كرامات زادت من خرافات قدرتها حتى أنها بمجرد إن تنظر إلى المريض ينتصب عضوه مباشرة و يصبح قادرا على إستعادة طفح غرق اللزوجة تلقائيا بقوته القديمة ...
الا إن قريبا للأب فى منتصف الخمسينات كان قد حل ضيفا فى بيت الأسرة و دخل إلى غرفة شهوة بعد منتصف الليل و رغم أنها كانت شبه مستيقظة على فراشها فقد تركته يتحسس صدرها و مؤخرتها و قد إنهمر سائله ليستقر كقذيفة على بيجامتها الساخنة الملتصقة فندبة حظها أنه لم يكن بيل كلينتون حتى تنال نصيب وافر من الشهرة .....
و فى المطبخ حصارها ضابطا وصديقا للأسرة وهى واقفة أمام المائدة و أغمض عينيها و وضع عقودا ذهبيا مرصع حول عنقها وداعبها خدها كالمعتاد و صدرها فشعرت أنها يجب إن تمارس طقوس الخجل فإستدارت وإبتعدت نحو الحوض فتجه نحوها و مر بيده على مؤخرتها و رفع من تنورتها القصيرة وبدأ يلهو أسفلها قليلا وأنفاسه تتصاعد وهى لم تقاوم كما لم تبد أى بادرة رد فعل سوى إستمرارها تفتعل كونها تغسل الاكواب فى الحوض و كأن لا شيئا يحدث خلفها وينمو على شواطئ مؤخراتها هذا ما قالته إلى الكاهن جورج المسكين أب الاعتراف فى الكنيسة الذى كان يعد صديقها الوحيد و مرشدها الروحي فى هذه الكوكب الذى تحكى له أدق تفاصيلها ورغم تجاوزه السبعين الا أنه أعترف لها أخيرا بعد عشر سنوات من عمر صداقتهما المتينة و قد بلغت وقتها سن السابعة عشر أنه يحبها بل و يشتهيها كإمراءة ... فقد حركت داخله محيط الرغبة فأعتبر إن هذه خطيئة تستدعى إن يترك الكنيسة و يرتحل إلى أخرى نائية و يبتعد عنها لعله يلوذ بملاذ آمن يعود فيه من معصيته إلى خدمة الرب ..
لم تبك شهوة فى حياتها كما بكت فى مثل هذا اليوم و كاهن الاعتراف صديقها وأبوها الروحى يودعها دون سابق إنذار و توسلت له إن تعطيه كل ما تملك و إن تكون محظية وخدمة فى سريره فى السر شرط إلا يتركها وألحت أن الراهب فكرة باليه يستطيع أن يتخلص منها دون أن يفقد إيمانه فهو ليس مكلفا من الرب و حاولت بهستيريا إن تدس يدها فى جلبابه الأسود العتيق لتقبض على مربط نوازعه الجنسية و تمتصه لكنها فضل إن يتركها لحياتها لأنه ذاهبا ليتطهر من الإثم و عبادة الرب ..و لم تستمع شهوة لكل نصائح مرشدها التى كان يذكرها فى خطبة وداعه الأخير وشعرت بالغيرة من الرب فظلت تصرخ وصوتها يدوى فى فضاء الكنيسة وهى فى أحضان كاهن الاعتراف قائلة "ومن سيعبدني أيها الرب" حتى فقدت الوعي من شدة الإعياء و الصارخ و البكاء و لم تستيقظ إلا فى مستشفى الراعي الصالح الملحقة بالكنيسة حيث قد مر أسبوع وهى فى غيبوبة من أثار صدمة عصبية شديدة ...
كانت أزمة شهوة المستجدة قد تركت آثار قاتلة وعميقة أشد تأثيرا وألما من ملحقات نادبات إنسانية مبكرة سابقة فإنطلق وحشا مارد ا عبثا من قلب الفتاة التى حاول صديقها الأسقف الهارب أن تحتفظ برصيد وبقدر من البراءة فى عالم لا خلاص فيه من صراع الرغبة والتواطؤ على صيغ الرذيلة...وكان أول الضحايا هو الأب الذي انتحر عقب إن أعطى ابنته صك جولة المباحثات الأولى للمضاجعة الكاملة تحت تأثير السكر و الإحباط والانزلاق إلى أقصى مدى فى ومضات مستنقع اللذة و لم يكن مسئولا بالكامل عما حدث فقد تعرض لرغبة دفينة ومريضة لدى الابنة للانتقام من ليالي حاولت إن تثبت لنفسها كونها أنها أنثى بسبب اتهاماته الشاذة لها ...فقد هزمته و إعادة إليه الإحساس بلذة الجماع الذى فقدها مع إدمان لذة المقامرة فقد أجبرته على التصنت على علاقتها بالمرآة التي كانت صديقتها تبوح لها بأسرار نموها الفسيولوجي فتحسس داخلها جسدها فى قميص نومها الساخن بغرفتها وهى عادة كانت تمارسها حزينة و بائسة منذ الطفولة المشوهة حتى أصبح أعضائها ناضجة و نابضة بدرجة الكاملة والفائقة و المغلفة بالنرجسية الساطعة ...فخلعت سروالها الداخلي و أسرعت إلى النوم على ووجهها و شعرها الأرجونى يملأ رائحته الفراش معلنا بصمت الخافت عن قسوة نداء الجسد بينما الأب يراقب من على مائدة القمار الموقف عن كثب من زاوية كانت تدرك شهوة أنه هو الوحيد الذى يستطيع إن ينال من رحيق هذا المشهد و قد اندفع الأب نحو الهدف المسترخي فى إستكانة النوم المزيف فتركته فوقها يتوغل فى عمق لحمها موقعا بل أصدرت أصوات محسوبة وخافته مصطنعة كأنها فى وهم الحلم وهو ينزل مائه المندثر فى إحشائها مخلفا بركة من دماء البتولية الضائعة ...وعندما نظر لها بعد إن إستلقى بظهره بجانبها على الفراش يلتقط أنفاسه فؤجى بها تنظر لها بحدة دون حديث لم يشعر الأب عندها بالندم ولكنه تملكه إحساس ما بالفراغ و إن لاجدوى لحياته العبثية فقام إلى غرفة نومه ..
وفى كرسى الاعتراف أضافت شهوة إلى جوزيف كاهن الاعتراف الجديد بالكنيسة إنها كانت رغم إحساسها الكامل بتفاصيل كل ما يحدث داخلها و فوقفها إلا أنها لم تتأثر به كأنه يحدث فى جسد أخر لا علاقة لها به فى هذه الليلة وتملكها الفضول فإرتدت روبها و إندفعت بعد قليل من مغادرة أبوها غرفتها إلى صالة المنزل ظنا منها إنه عاد إلى ترابيزة القمار التى كانت يجلس عليها مع أمها و ضيوفهما المقامرين فلم تجده فبحثت عنه فى غرفته ووجدت مستلقي فى دمائه النازفة فى بانيو الحمام الملحق فى غرفته بعد إن قطع شريان يده بموس الحلاقة وكان لازال على قيد الحياة ينظر لها...فواربت باب غرفة الحمام و أغلقت باب الغرفة و ذهبت لاستحمام فى غرفتها ثم نامت ..... وفى الفجر إدرك أحد عشاق الأم وفاة زوجها إلا انه أغلق باب غرفة الحمام و أكمل ليلته بفراش أمها مستمتعا بهدؤ وعندما إكتشفت الأم ذاتها وفاة زوجها بعد ذلك أغلقت غرفة باب الحمام وأكملت نومها حتى يستيقظ العشيق و يرحل ؟
وفى الليلة التالية لوفاة الأب إنتظرت شهوة عشيق أخر لأمها أن يرحل عن منزلهما وذهبت عارية نحو غرفة أبويها وداهمت أمها المستلقية أثناء الاستحمام فلتصقت تحتضنها داخل مياه الدافئة المختلطة برغاوى رائحة اللوشن فى ذات البانيو وصارحت أمها بماحدث مع أبيها فوضعت الأم صوابعها فى أماكن متفرقة فى جسد إبنتها وهى تهدأ من روعها و تقبلها فى شفاها قائلة ضاحكة "يالها من تفاصيل مذهلة تبدو أنها مروعة لأحداث سخيفة قد تمر فى سياق البانيو ".


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق